الازمة المالية العالمية: وجهة نظر مسيحية
المطران أميل شمعون نونا
واقع الازمة.
من الممكن ان نرى بوضوح الوضعية العالمية الحالية للاقتصاد. فالاقتصاد الدولي يتقدم بصعوبة ظاهرة والقوى الكبرى اقتصاديا مثل الولايات المتحدة الامريكية لا تشعر بنفسها جيدة جدا. وهذا انسحب ايضا الى اقتصاديات الدول الاخرى في العالم بشكل عام، وهذا لا يخفى على احد حتى من غير المهتمين والمتعمقين بالقضايا الاقتصادية.
ويبدو ان المشروع الذي روّج له كثيرا انطلاقا من نهاية الستينيات وبداية السبعينيات في العالم الغربي بوجود عالَمٌ غني جدا وسعيد ومن غير الله يتحطم على صخرة واقع الاشياء التي تحدث. وهنا كمسيحيين نواجه تحدي كبير نلخصه بسؤال واحد: ما الحل؟
ولا يمكن الا ان نجاوب بشكل بسيط وسريع بان الحلّ هو بالعودة الى حياة مسيحية حقيقية.
يبدو ان ما يحدث اليوم في العالم وكأنه “العاصفة الكاملة”. فاولا كانت – ولا تزال في عمومها – الازمة المالية في الولايات المتحدة الامريكية مترافقة مع الاحساس بانهيار عسكري فجائي للقوة العظمى المرتبطة باحلام العسكريين. بعدها سقطت بعض الامم الاوربية في وضع مأساوي، واعتُبِرت قريبة للإفلاس لكن تدخل الاتحاد الاوربي خلّصها نوعًا ما: اليونان كانت الاولى لكن هناك ايضا اسبانيا والبرتغال. ودول أخرى اوربية او غربية أُجبِرت على ان تقوم بمناورات اقتصادية مبنية على قطع النفقات وزيادة الضرائب. الاقتصاد العالمي يبدو وكأنه في ليلة من غير نهاية: العالم الذي كان في وقت ما غنيٌ جدا يتقدم اليوم بصعوبة، ابتداءً من امريكا. فما الذي يحدث؟
من وجهة نظر معينة فيما يحدث يبدو بان ليس هناك شيء جديد تحت الشمس، كما يقول كاتب سفر الجامعة (1: 9): فمشاكل الدَين العام، الضرائب، التهرب الضريبي، الاضرابات، البطالة، المؤشرات السلبية في البورصة، هي معروفة وليست جديدة، وقد تَعَوّد البشر على التعايش معها وبشكل دوري خاصة في العالم الغربي. وهنا يبدو التذكير جيداً بان المشروع الانساني – الانساني بافراط – بتأسيس نظام متكامل، هنا في هذا العالم، والذي يكون فيه الكلُ جيدين وراضين عن الذي يحكم؛ أي مكانٌ فيه غنى للجميع وكل شيء يشتغل بشكل منزّه عن الخطأ؛ يبدو ان مكان مثل هذا لا يمكن ان ينوجد اذا اردنا ان نكون منصفين.
من الواضح ان الانسان يجتهد من اجل جعل بقائه “القصير” على هذه الارض مريح، ويعمل كل ما بوسعه لتحقيق ذلك. والمسيحية نفسها – بشكل مختلف عن باقي الاديان – تُفضّل هذا العمل الذي يهدف الى تحسين الحياة الارضية، والذي يبحث فيه الانسان عن تحقيقه بعمله وبذكائه.
الازمة الحالية اذن تنشأ – من وجهات نظر عديدة – وببساطة من طبيعة الانسان نفسها ومن حدوده، ومن عدم تكامله، ومن جشعه، من انانيته، ومن واقع ان الفردوس لن نستطيع بنائه بايدينا هنا والآن بشكل كامل.
بعد ان عرفنا كل ذلك يلزمنا الاعتراف بان الذي يحصل حاليا فيه ايضا شيء جديد بشكل تام: لقد دخلنا في حقبة عدم امان كبيرة وجماعية، فالكثير من التأكيدات التي تعوّد عليها ابناء القرن العشرين قد ذابت مثل الثلج تحت الشمس، ويبدو انها لم تكن تأكيدات حقيقية. وهذه الحالة لا تتناول فقط “موت الايديولوجية” المشهور، حيث زالت من الوجود اليوتوبيات[1] التي نشأت في القرن التاسع عشر، وبشكل خاص الشيوعية باشكالها المتنوعة. لكن على هامش المساوئ التي حصلت من هذه الايديولوجيات ومسيرة ازالتها، تولّت قناعة عند الاكثرية بانه بالامكان بناء عالم جديد مؤسَّس على مبدأ سياسي واخلاقي واحد: “مبدأ الحرية“. فالمجتمع الحرّ سيكون ايضا مجتمع اكثر غنى، وبالتالي مجتمع اكثر سعادة. وكانت هذه القناعة نظرية خلاّبة جدا وساحرة، لان شهوة الانسان بان يكون حرا وسعيدا محفورةٌ في طبيعته.
الذي يحصل الان في العالم من الناحية الاقتصادية وتداعياتها على الشعوب وطرق معالجتها المتسمة بالعنف والدخول في حروب ونزاعات كثيرة، يبين وبشكل كبير جدا ان هذه النظرية ليست حقيقية ولا واقعية لا في الجانب الاقتصادي ولا – بشكل اكثر – في الجانب الانتروبولوجي. فهي تولد بالحقيقة سلسلة من النتائج السلبية التي تظهر الان للعالم المعاصر، ونختصرها بنقطتان.
نموذج النمو الاستهلاكي و”قيمه”.
اعتقد الكثيرون ان اقتصاد السوق ولد بالتعارض مع الماركسية ويحل محلها وهو الحلّ الامثل، من دون ان يتعمقوا في وجود جذر مشترك بين الاثنين يُنزّل الانسان الى بعده المادي والاقتصادي فقط. والسعادة – استنادا الى ذلك – تتأسس على الانتاج الداخلي الذي هو مُلوّث في كلا الطرحين، رغم وجود اشكال مختلفة لتحقيق الهدف في هذين النموذجين.
المنهجية الشيوعية اتضحت انها خاسرة، بينما ظهرت المنهجية الليبرالية اكثر عملية. لكن كلا النظامين اخيرا دفعا ويدفعان ثمن الوعد الكبير – الخاطئ والمضاد للمسيحية – والذي هو في اساس قاعدتهما، اي: الغاء الله والحياة الابدية من الوسط، وتركيز كل الجهود في بناء عالم مملوء من الفرص والمُتع.
وقد أغرى هذا النوع من الحياة، اي العيش مُركزين فقط على الخيرات المستهلكة وعلى الذات الكثير من المسيحيين، الذين اعتبروا مثلا ان الخلق والحياة الابدية هي امور العجائز. وما تقوم به المجتمعات اليوم هو بالحقيقة محاولة العيش في حقل هائل الحجم من التسلية، والذي قد اُقتلعت فيه القواعد الاخلاقية القديمة للوصايا العشر واستبدلت بقواعد مفهوم الطلب والعرض التي هي ظاهريا جيدة. وقد نجحت هذه اللعبة لحقبة معينة، لكن حاليا يبدو انها قد تكسرت. الا ان المصيبة هي ان الاقتصاديين، والمتخصصين بالبنوك والقادة السياسيين لا يبدو انهم قادرين على ايجاد الخلل ومعالجته. انهم يعطون رؤى عديدة فقط من غير امل كبير بالاصلاح.
فشل مفهوم الدولة الكاملة وفرط التضخم بها.
ان السبب التقني للازمة الحالية – ويبدو ان الكل متفق على هذه النقطة – هو المستوى العالي جدا للنفقات: فالدولة لها مصروفات عديدة اكثر مما تستطيع ان تجيز لنفسها. والحل هو ان يتم القطع: قطع المساعدات الصحية، والخدمات العامة، ودعم قوات الامن على سبيل المثال. لكن قول ذلك اسهل بكثير من عمله، لان الجميع تقريبا في البلدان الغربية اصبح متعود ومن عشرات السنين على التفكير بان السلطة العامّة لها واجب تأمين كل هذه الخدمات، لا بل تحسينها بشكل مستمر. لا بل تمّ تأسيس نظام من القيم خاصّ بشكل كامل لهذه الخدمات. على سبيل المثال، نظن ان “المهم هو الصحة”، وبالتالي مهمة الدولة تأمينها. من الواضح ان الصحة هي في قلب اهتمام الكل، لكن ان يقال انها هي الشيء “الاكثر اهمية” هو مفهوم مضاد للمسيحية بشكل عميق، وعديم الانسانية بشكل جوهري. فالعيش مع هذه الفكرة المتسلطة ينتج بالواقع اشخاصا اكثر انانيين، وخائفين، وفردانيين، واقل ميلا للتضحية؛ ومحور الواجبات ينتقل بشكل تام من الفرد الى الدولة: لست انا من بعدُ الذي يهتم بافراد عائلتي، بل يجب ان تقوم بذلك الجماعة. لست انا من بعدُ الذي يربّي اولادي، بل المدرسة العامة. لستُ انا من بعدُ الذي يهتم بوالديّ الكبيرين بالعمر بل مؤسسات الدولة. هذا النوع من التفكير والتعامل او الانتظار يدفع الدولة نحو دور غير معروف ومهم في الفترة الوسطى من العمر، ويزيد ايضا من الميول المتعلقة بالقتل الرحيم او بتحديد النسل، او بعدم الالتزام التربوي للعوائل.
ازمة اقتصادية أم ازمة ايمان.
ليس هناك من شك باننا نعترف بان عالم اليوم هو في ازمة ليس فقط في الناحية الاقتصادية والمالية، بل وقبل اي شيء في الناحية الاخلاقية. فالانسانية اليوم تبدو فاسدة بشكل كبير وثورية بشكل منتشر على الخالق وعلى كل تشريعاته، وهذه الانسانية لا تستطيع ان تعيش في يسر وسعادة بهكذا طريق. فالحياة ضد الطبيعة تلد وحوشا، وبالاخير تدمّر تعايشها الاجتماعي نفسه.
يوجد نص في الرسالة الثانية الى طيموثاوس يصوّر به مار بولس وبدقّة مذهلة العالم الذي نعيش فيه اليوم: (ستاتي في الايام الاخيرة ازمنة عسيرة يكون الناس فيها محبين لانفسهم وللمال، صلفين متكبرين شتّامين، عاصين لوالديهم ناكري الجميل فجّاراً، لا ودّ لهم ولا وفاء، نمامين مفرطين شرسين، اعداء الصلاح، خوّانين متهورين، اعمتهم الكبرياء، محبين للذة اكثر منهم لله، يظهرون التقوى ولكنهم ينكرون قوّتها) 2 طيم 3: 1-5.
بقرائتنا لواقعنا الحالي للازمة المالية وازمة الايمان نسأل سؤالا يأتي في فكر كل مؤمن:
هل من الممكن الخروج من هذه الازمة المالية والاقتصادية؟ لنترك المهمة الشاقة في ايجاد الحلول التقنية للاقتصاديين وللسياسيين. لكن علينا ان نعرف ان امكانية وجود اقتصاد صالح في عالم مثل الذي يصفه مار بولس ليس ممكنا. الحل الوحيد الحقيقي اذن هو بالعودة الى رؤية مسيحية للحياة، والبدأ بممارسة الفضائل الفردية التي لا يمكن ان يتم وضع بديل لها من قبل الدولة المدنية. ونعود نحن اولاً الى الحياة المسيحية الواقعية الملتهبة في الموانئ الآمنة للافخارستيا وللعذراء مريم ام الكنيسة وامنا. ان القربان المقدس ووالدة الله مريم هما الدعامتان التي من خلالهما نستطيع نحن المسيحيين ان نعيش حياتنا ونساهم في حل ازمة العالم من خلال اعطاء وجه آخر بديل لما موجود حاليا. لنكن في الكنيسة من دون خطابات لاهوتية عظيمة فقط، من دون كلمات باطلة، ومن دون ان ننتظر ان يأتي الخلاص من الآخرين او من المؤسسات الديموقراطية. ليبني كل واحد – في الكنيسة – وبشجاعة ذاته الخاصّة.
[1] اليوتوبيا: كلمة يونانية تعني حرفيا “لا مكان” واصبحت تعني المثالية نوعا ما، حيث استخدمت للتعبير عن المدينة الفاضلة، او الدولة المثالية التي يتحقق فيها الخير والسعادة للناس جميعا وتزول كل الشرور. وقد اصبحت الكلمة اشارة لنوع ادبي من الكتابة يعبّر فيه عن هذا الحلم المثالي للعيش. كتاب الفيلسوف افلاطون “الجمهورية” يمكن ان يدخل ضمن هذا النوع الادبي، وايضا كتاب القديس اوغسطينوس “مدينة الله” لكن بشكل ايماني
دعوة للغضب – توني شمعون
قد يكون عنوان المقال غريب بعض الشئ، فنحن نعيش في عالم يملئهُ الغضب و ينتشر في كل مكان الشر و الدم و القتل، فلماذا هذه الدعوة الغريبة للغضب. قبل الغوص في أعماق المعنى الحقيقي للغضب، و ما أسبابه و نوعياته، يتحتم علينا معرفة أن الغضب هو من صفات شخصية الإنسان الأساسية، و ان اختلفت أنواعه و تعددت أسبابه. فلا بد لأي إنسان أن يشعر بموجة عارمة من الغضب في اي مرحلة من مراحل الحياة، وما أكثرها في فترات المراهقة أو يفعان الشباب. و ما أكثر أسباب الغضب في وقتنا الحالي، قد يكون السبب هو البحث عن وضيفة، أو البحث عن الحب، أو فقدان ذاك الحب، أو الغضب لعدم المقدرة على اقتناء الأشياء أو الفشل بالمجال الدراسي، أو خلافات عائلية أو مشاكل مع الأصدقاء أو قد تكون نشرة الأخبار اليومية و ما يجري من دمار وخراب في شتى أرجاء العالم يملئ الإنسان بالغضب،:عدم الرضى على النفس يؤدي للغضب، كزيادة في الوزن، أو صعوبة في فقدان الوزن أو صعوبة في التأقلم في العمل، وصعوبة في التعبير عن الأفكار، أو عدم القدرة على إيجاد من يفهم أفكارك. فأسباب الغضب هي داخلية نابعة من شعور داخلي وتوجه الغضب نحو الذات و خارجية تأتي من محيطنا الاجتماعي وتوجه الغضب نحو الآخر. وعليه، تختلف نتيجة الغضب كأختلاف أسبابه، واختلاف أنواع الغضب يؤثر على النتيجة التي تصدر عن الغضب. فالغضب أنواع، كالغضب السلبي، و الغضب الإيجابي. وهناك أنواع أخرى من الغضب ولكن ليست في سياق مقالنا هذا. الغضب السلبي هو الغضب المطلق العنان، بمعنى هو الغضب ألغير مسيطر عليه، وتكون عواقب هذا الغضب وخيمة وعادتاً ما تخلف مشاكل و نزاعات و صراعات أكثر من الحلول. ويؤسفني القول بأن مجتمعاتنا الشرقية تقدس هذا النوع من الغضب، وتتشبع منه في شراين ثقافتها، فنراى الثأر بالقتل منتشر بين جميع أطياف و قوميات مجتمعنا، و جرائم الشرف هي من قدسيات هذا المجتمع الغاضب، حيث يُنظر لمرتكب تلك الجريمة بعين الفخر، و تتغنى ببطولته كل ركن و كل زاوية، و في الحقيقة هو ليس أكثر من قاتل، أو انسان تشبع بالغضب السلبي من لدن المجتمع، ولا يستحق سوا العدالة القصوى. وليس هذا فحسب، بل نحن أن غضبنا عند الفشل بمهمة معينة أو فشلنا في الوصول إلى هدف نود تحقيق، نبدأ بلعن النظام، و نختلق الأعذار الوهمية و نرمي بالتهم على كل من هب ودب، وفي هذا المجال لدى خبرة شخصية أود أن اشاركها معكم أعزائي القارئ، فحين اتممت دراسة المرحلة الابتدائية واحرزت عالياً، قرر والدي ادخالي مدرسة المتميزين، وكان من شروط القبول بالمدرسة هو خوض امتحان عام تطول مدته لاربع ساعات، خاض الامتحان وقتها أكثر من أربع مائة طالب، وكانت المقاعد المتوفرة في المدرسة لقبول الطلاب الجدد هو مئة وعشري فقط. خضت الامتحان انا وصديق الطفولة، اكرم. تربطنا نحن الاثنين صداقة بحكم الجيرة و منافسة بحكم الدراسة حيث كنا نتشارك المقعد( الرحلة) وكنا نتنافس في الحصول على أعلى العلامات، وحين أصدرت وزارة التعليم نتأج امتحان القبول لمدرسة المتميزين حصلت انا على الرقم تسلسل ١٢٣ حين حصل اكرم على رقم تسلسل ٩٨. فكانت صدمة فشلي في الامتحان فاجعة طفولتي الكبرى، و فراق زميل الدراسة ولد لدى موجة من الغضب تلسع اعماقي بنيرانها حتى الآن، شعرت بالفشل، وعدم الرغبة بتكملة دراستي، وشعرت بأني تأه، احوم بعقلي الصغير إلى(ال لا شئ )، و اتذكر اني رسبت في نتائج بداية الفصل للمرحلة المتوسطة.( انتهت الخبرة) وهذا أحبائي مثال من التاريخ القريب على ما يولده الغضب السلبي من نتأئج لا يحمد عقباها. فأنت معذور أن كنت تعيش في مجتمع يقدس العصبية، و يرى في الشراسة شجاعة و في العنفوان رجولة و في التهكم و الرمي بالتهم وسيلة للهرب من فشل يُحيط به من مختلف جوانب الحياة. وانت ايضا معذور إذ كنت تعيش في مجتمع يرى في الهدوء برود مشمئز، و في الرزينة جبن وفي التصرف بعقلانية خوف. ولكن عليك تحليل كل ما ورثت عن اهلك وأقاربك، و التفكير خارج منظومة ما تعلمت في صباك، لتنجح وتكون نقطة تحول في محيطك… وأما عن الغضب الإيجابي، فهو الغضب ألمسيطر عليه، اي السيطرة التامة على مشاعر الغضب و تغيرها لنتيجة مفيدة، أسباب هذا الغضب لا تختلف البتة عن الغضب السلبي، ولكن نتائجه ناجحة، تولد حلول للمشكلة و تمنع حدوث المشكلة مرة ثانية، أو على الأقل يهدف هذا النوع من الغضب على توعية و تثقيف المجتمع لإجاد الحل الأمثل للمشكلة. وتتضمن صفحات التاريخ البشري أناس عرفوا سر الغضب، وحولوا تلك الطاقة العظيمة الناتجة عن مشاعر الغضب إلى فأئدة ينتفع منها المجتمع وفي بعض الأحيان تنفع العالم أجمع، وخير مثال على الغضب الإيجابي هو سيدنا و مخلصنا الرب يسوع المسيح، كان ذو شخصية ثوروية رافضة للعادات و التقاليد، نابذة للسلطة الدنيوية و الدينية، كارها للتفرقة الطبقية و العرقية، غاضباً على كل ما هو خطء و موبخا كل من اقترف جرماً ومانعا كل قرار خاطئ… ولكن، لم يحمل سيفاً، ولم يقد جيشاً ولا قتل أحد، بل كان موبخا بالكلمة واعضاً بالأعمال، محبا للخطاة و عادلاً في اصدار الأحكام، كون له اصدقاء وتلاميذ كثر، وأعداء أكثر، واجهُ أعدائه و منتقدوه بالغضب السلبي و بالعنف ولكن لم يغير موقفه، بل واجههم هو بغضب العقلاء، بكلمة و ليس بسيف، و في النهاية انتصر وكان سقوطهم عظيماً… مثال آخر من صفحات التأريخ الحديث، المهماتا غاندي الذي حرر بلاده من الاحتلال الإنكليزي بغضب إيجابي جعله من أعمدة الهند المقدسة، وكذالك الكنك مارتن لوثر، الذي استخدم الكلمة و سيف الحرية في وجه مجتمع يعمه الظلم و التفرقة العرقية، وانتصر بإجبار الحكومة و المجتمع بالاعتراف بحقوق المريكين من أصول أفريقية. يوجد امثال كثيرة في مجتمعنا المعاصر، و الأسترالي بالتحديد
( Daniel Christie)
وعائلته، هذا الشاب ذو الثمانية عشر ربيعا، قتل بضربة جبانة من الخلف، ولكن موقف العائلة كان أكثر من رائع، فلم يشرعوا بالغضب ولم يطالبوا بقتل الفاعل أو نقموا النظام أو لاموا أحداً. بل بالعكس، أنشأوأ جمعية
( BETTERMAN FOUNDATION)
لتوعية المجتمع على هذه الحادثة الشنيعة و ما أسبابها، وما هي تأثيرها على الضحايا، وهذه الجمعية تقوم بمساعدة ضحايا( الضربة الجبانة) ويقدمون لهم الدعم المادي و المعنوي و القانوني.. سأرفق في نهاية المقال الروابط التي تتحدث عن حادثة
( DANIEL CHRISTIE )
و عن المنظمة الخيرية التي إقامتها عائلة الصبي. هذه هي نتأئج الغضب الإيجابي، غضب خالي من العنف خالي من أي أذية ولكن مليئ بالحلول. ما دفعني لكتابة هذا المقال هو دعوة قرائنا الأعزاء للتخلي من الطاقة السلبية( الغضب السلبي) و التمسك بالطاقة الإيجابية( الغضب الايجابي)، وكذلك اُمن بأن الإنسان أن أراد تغير المحيط الذي يعيش به، عليه أن يبدأ من ذاته، فأنتَ وانتِ وانا جزء لا يتجزء من هذا المجتمع، وان تغيرنا نحن، وسيطرنا على طاقاتنا الداخلية سنصبح أناس منتجين، أناس رافعين المجتمع من أخطائه، وسنكون مجتمع جديد يشكرنا عليه أولادنا و احفادنا من بعدهم، ونهاية اترككم للتأمل بما قاله المهاتما غاندي، ( ليس ضروري ما ستفعله في هذه الحياة، ولكن من الضروري أن تفعله) وقال أيضا( لا يستطيع اذائي أحد، من دون موافقتي).
.
فضيحة قيلَ أنّها هزّت الكنيسة الكاثوليكيّة وأظهرت حقيقتها “المظلمة” وأنّها كانَت من الأسباب الرئيسة لاستقالة البابا بنديكتوس
الاب يوحنا جحا – لبنان
يرتفع (لا يتعدّى) عدد الضحايا المفترضين في حوادث اعتداء كهنة على قصّر إلى حوالى 1500 ضحيّة، وعدد الكهنة المُعتدين إلى حوالى 260 كاهنًا. فضيحة قيلَ أنّ هزّت الكنيسة الكاثوليكيّة وأظهرت حقيقتها “المظلمة”، كما قيل أنّها كانَت من الأسباب الرئيسيّة لاستقالة البابا بنديكتوس السادس عشر من مهامه الإداريّة والرعويّة في الفاتيكان.
ممّا لا شكّ فيه أن فضيحة كهذه لن تسبّب الفرح لجسم الكنيسة ولا لرعاتِها، كونَ أفعالِ الاعتداء الجنسيّ على القصّر هي إثمٌ كبير وفي الوقت عينه جريمة عُظمى. من البديهيّ أن يدينَ كلَّ عاقلٍ هذه الأعمال وأن يطالبَ بإجراءات تجعلُ المُعتدين يتحمّلون تبعاتِ اعتداءاتهم، إجراءات تعوّض على الضحايا وتعالج نتائج الاعتداءات جسديًّا ونفسيًّا واجتماعيًّا.
ولذك، قبل أن نشرع في عرض رأينا حول الحملة الإعلاميّة المشهّرة بالكنيسة، نُعلنُ بوضوح كامِل ومن دون أدنى تحفّظ أن لا نيّة لدينا، لا باطنًا ولا ظاهرًا، في التخفيف من فداحة الأمر، ولا في الدفاعِ عن المُعتدين ولا تبريرهم، تاركينَ للقضاء النزيه، إذا وُجد، أن يقوم بواجبه ويتّخذ التدابير المناسبة على المستويين المدنيّ والكنسيّ على السواء.
نيّتُنا تُختصر في رغبتنا في إظهار المحاباة في الوجوه الّتي تمارسها الحكومات ووسائل الاعلام، والتشهير المبرمج والممنهج والمقصود بحقّ الكنيسة عن سابق تصوّر وتصميم، واعتماد القياسين والمكيالين في الحكم على الأحداث.
إحصائيّات ونسب:
عندَما نقرأ وسائل الإعلام اللادينيّة أو العلمانيّة أو الحكوميّة، أو نشاهدَ التحقيقات، ونستمع إلى الأحكام الّتي تُطلقُ بحقّ الكنيسة، نكادُ نصدّق أنّ الكنيسةَ فاسدة ومهترئة وأنَّ لا مكانَ، بعدُ، فيها للخير والصلاح. وعندما نسمعُ بفضيحة ما تطالُ كاهِنًا ما، نميلُ، بالطَبعِ، إلى تعميمها على جميعِ المكَرّسين، وعلى الكنيسة بأسرها، حتّى إنّ البعضَ طالبَ بتحميل قداسة البابا شخصيًّا مسؤوليّة كلّ ارتكابٍ جرميّ قامَ به كاهنٌ كاثوليكيّ في أيّ بقعةٍ من العالم.
ومن الطبيعيّ، أن ينجرَّ المسيحيُّ المحرومُ من أيّ ثقافةٍ كنسيّة صلبة إلى تبنّي هذه الأحكامَ الشائعة والمنتشرة في كلّ وسائل الإعلام، وإضمار الكُرهِ لكنيسته صانعة القدّيسين… ومن البديهيّ أن يقودَ هذا الكرهُ إلى نوعٍ من البرودة في الإيمانِ وإلى رفضيّة تطالُ كلّ شيءٍ يصدُرُ من جانبِ الكنيسة. الحمدُ للهِ، أنَّهُ أعطى بقيّة متبقّيةَ نعمةَ البصيرة لكي تبقى ثابتة في إيمانِها، مُحبّة لكنيستها ومخلصةً لها، من دونِ أدنى مساومة على الشرّ، ولو كانَ صادرًا عن أبناء الكنيسة ذاتِها.
من خلال بعض الإحصائيّات وبعضِ الأرقامِ المتاحةِ للجميع، سنحاوِلُ أن نظهِرَ، بالرغمِ من بعضِ البقع السوداء، بهاءَ الكنيسة وقداستَها، في عالمٍ يتربّص بها وينتظرُ أدنى مناسبة لافتراسِها!
ذكرنا أعلاهُ أن عدد الضحايا المفترضين عالميًّا هو 1500 ونحنُ سنضاعفُه (3000) مفترضينَ أنّ بعض الضحايا لم يجرؤوا على البوح باختباراتهم الأليمة. وقلنا أنّ عدد الكهنة المعتدين المفترضين هو 260 تقريبًا، فلنقل (500) للسبب نفسه. قد تبدو الأرقامُ كبيرة. ولكن لا بدّ أن نعلم أنّ هذه الأرقام ليست إحصائيّات سنةٍ واحدة ولا دولةٍ واحدة، بل هي حصيلة كلّ الاعتداءات الّتي حصلت خلال حقبة تمتدُّ لأكثر من 60 عامًا على اتّساع الوجود الكاثوليكيّ في العالم. فلو كانَ الكاثوليك منتشرين في 120 دولة لكانت نسبة الضحايا السنويّة في الدولة الواحدة هي 0.41 أي أقلّ من ضحيّة واحدة كلّ سنتين.
وإذا افترضنا أن مجموع عدد المكرّسين الكاثوليك الّذين مارسوا مهامّهم خلال فترة الستّينَ عامًا هو مليون مكرّس، لكانت نسبة الكهنة المعتدين على العدد الإجماليّ1 من 2000 أي 0.005 بالمئة! وإذا افترضنا أنّ نسبة القصّر بين الكاثوليك هي 25 في المئة، أي ربع مجمعل عدد الكاثوليك، أي حوالى 400 مليونًا لكانت نسبة الضحايا على يد الكهنة هي 0.00375 بالمئة. علمًا أنّ عدد القصّر خلال فترة الستّين سنة يوازي عدد الكاثوليك الحاليّين أي مليار وخمسمائة مليون ما يجعل النسبة تنخفض إلى 0.001 بالمئة أي واحد من مليون.
إنَّ فداحة الاعتداءات لا تُقاسُ بالأعداد، وهذا لا يغيّر شيئًا في حُكمِ الكنيسة على المُعتدين. ولكنّ غايتنا هنا ليست الدفاعَ عن الكنيسة، بل إظهار خبثُ وسائل الإعلام وتواطئها ومرائيّتها المفرطة.
الحكم بمقياسين:
هلْ سبقَ أن سَمعتُم بضحايا الاعتداءات الجنسيّة في فرنسا؟
سنقدّم النموذج الفرنسي عل سبيل المثال لا الحرص لنُضيءَ على مُرائيّة وسائل الإعلام الّتي تضخّم كلّ هفوة تصدر عن كاثوليكيّ وتغضّ الطرف عن آلاف الجرائم الّتي تحصل تحت نظر الحكومات وأعين المسؤولين المدنيّين والإعلاميّين! الإحصاءاتُ الّتي تخصّ الاعتداءات الجنسيّة عند الكهنة الكاثوليك تشمل فترة تمتدّ إلى ستيّن سنة تقريبًا، أمّا ما سنكشفُه من إحصائيّات تخصّ الاعتداءات الجنسيّة في فرنسا فهو يشمل فقط تلك الّتي حصلت خلال عام واحد هو العام 2014.
ماذا تقول هذه الإحصائيّات؟
عدد حالات الإجهاض السنويّة في فرنسا 200000 أي هو 548 يوميًّا، أي حالة إجهاض واحدة كلّ ثلاث دقائق.
عدد حالات الاغتصاب الجنسيّ المعلنة للعام 2014 هو 12768 حالة، أي 35 حالة يوميًّا أي حالة واحدة كلّ 40 دقيقة.
عدد حالات الإعتداءات الجنسيّة عامّة المعلنة للعام 2014 هو 26783 حالة، أي 73 حالة يوميًّا، أي حالة واحدة كلّ عشرين دقيقة.
عدد الإعتداءات الجنسيّة في فرنسا على قُصّر للعام 2014 هو 5922 حالة، أي 16 حالة يوميًّا، أي حالة واحدة كلّ 90 دقيقة.
أكرّر السؤال، هل سمعَ أحدُكم بفضائح البيدوفيليا في فرنسا؟ هل لاحظتُم حملةً إعلاميّة مسعورة تشهّرُ بالدولة الفرنسيّة وتطالب بتحميل رئيس الجمهوريّة مسؤوليّة الاعتداءات؟ هل سمعتُم أحدًا يتضامَنُ مع هؤلاء الضحايا؟
هل قارنتم الأعداد؟
إنّ عدد الاعتداءات الجنسيّة على قُصّر في فرنسا خلال سنة واحدة يوازي ثلاثة أضعافُ عددها في إطار الكنيسة الكاثوليكيّة وسع العالم على مدى ستّين سنة.
هل قارنتم النسب؟
إذا افترضنا عدد الاعتداءات السنويّ على قصّر في فرنسا 4000 فقط، وأسقطناهُ على فترة الستّين عامًا لحصلنا على 240000 حالة اعتداء تمّت في المجتمع الفرنسيّ العلمانيّ، أي 80 ضعفًا للاعتداءات الّتي تمّت في الكنيسة الكاثوليكيّة.
نعم إنّ عدد الاعتداءات البيدوفيليّة في فرنسا وحدها خلال ستّين عامًا، رغم تضخيمنا لعددها في الكنيسة وتلطيفنا لعددها في فرنسا، يوازي 80 مرّة عددها في كلّ الكنيسة الكاثوليكيّة. ومع ذلكَ نسمعُ أصواتَ الفرنسيّين الشتّامينَ، يُطالبونَ بمحاسبة الكهنة والأساقفة والبابا متجاهلين حجم الجرائم الّتي تحصل في بلدهم، بل مُتعامينَ عنها.
وهنا نتساءَل أينَ اختفى حسّ التضامنِ مع الضحايا وأين اختفت الغيرة على تحقيق العدالة وإنزال العقابِ بالمُعتدين؟
من الواضح أنّ ضحايا البيدوفيليا في الكنيسة هو “شحمة على فطيرة” لأعداء الكنيسة ومبغضيها، وما التضامنُ معهم سوى مانشيت إعلاميّة فارغة، لا غايةَ لها إلّا التشهير بالكنيسة. ولو كانَت الغايَة من الحملات الإعلاميّة، التضامنَ مع الضحايا، وإحقاق الحقّ وردع المعتدين، لماذا لا نرى اذن حملاتٍ إعلاميّة تكشفُ فسادَ المجتمع الفرنسيّ وتُشهِّرُ بِهِ، لماذا لا يُطالبُ أحدٌ بمحاكمة الجمهوريّة، وهي المسؤولة الأولى عن كلّ ما يجري على الأراضي الفرنسيّة؟
ليسَ هناكَ أدنى شكّ: إنّ ضخامة الحملةِ الإعلاميّة غير مرتبطة بحجم الاعتداءات بل بحجم بُغض العالم للكنيسة. يعطونَ الكنيسةَ دروسًا في كيفيّة ممارستها للغفران، وهم يتربّصون بها شرًّا ويشتمونها ويدينونها ويحاربونَها كلّ يومٍ وعلى كلّ صعيد. ثمّة وسائل إعلام تتحدّث عن عشرات آلاف الضحايا على يد كهنة كاثوليك، ولكن ما هو العدد المُثبت؟ من هم هؤلاء الضحايا؟
هل كلُّ من ربّت الكاهنُ على كتفه صار ضحيّة بيدوفيليا؟ هل كلّ طفلٌ لمسهُ كاهنٌ لمباركتهِ صار ضحيّة بيدوفيليا؟
قد يقول البعض إنّ أعداد الكهنة المعتدين هو أكثر بكثير، كذلك عدد الضحايا.
فإيّاهم نُجيب: مهما حاولتم تضخيم حجم الفساد في الكنيسة فهو لا يذكر نسبة إلى فساد المجتمع المدنيّ المُلحد، هذا الّذي يُشرّع إبادة خمسين مليون طفل سنويًّا، والّذي يغضّ النظر عن ملايين حالات الإغتصاب سنويًّا والّذي يسفك بالحديد والنار دماء مئات الآلاف سنويًّا والّذي يصرف 1500 مليار دولار سنويًّا على السلاح بينما يتضوّر ثلث سكّان الأرض جوعًا.
إنَّ مجتَمعًا يشرّع البورنوغرافيا في مختلف وسائل الإعلام، ويشجّع على المثليّة ويقدّسها، ويبيح إزهاق حياة الأجنّة، ويساعد النساء على التخلّص من ثمرات أحشائهم، ويغضّ النظر عن الممارسات الشيطانيّة، ويبرّر فضائح مسؤوليه الجنسيّة، لا يحقُّ لهُ أن يُشيرَ بالإصبع إلى كنيسة أعطت ثمار قداسة على مرّ العصور، مهما كثرت فيه الأخطاء.
هذا المجتمع يحاول شيطنة الكنيسة ليبرّر فساده، يدّعي نزعه القشّة من عين الكنيسة وهو يتعامى عمّا في عينيه.
هل من داعٍ للتذكير أن عدد ضحايا العنف سنويًّا في العالم هو 40 مليونًا، حوالى سبعة ملايين منهم تعرّضوا لاعتداء جنسيّ. لماذا تغيبُ هذه الأرقامُ عن الإعلام ولا نسمعُ إلّا بأعداد ينقّب عَنها في الكنيسة؟
السبب، كما قلنا أعلاه، ليسَ حبَّ الأطفال، ولا محبّة العدل، ولا الروح الإنسانيّة العارمة، ولا تأمين حقوق الطفل، بل العداءُ والكره والبغض للكنيسة، الّتي رغم كلّ العيوب الإنسانيّة، تبقى أشرف مؤسّسة خيريّة وإنسانيّة وحضاريّة عرفها التاريخ.
وإذا شئنا المقارنة هاتوا، أعطوني رجلًا من طراز فرنسيس الأسيزي من خارج الكنيسة، هاتوا رجالًا ونساءً من عيار منصور دي بول والأخت أيمنويال والأبّي بيار وتريزيا دي كالكوتا من خارج الكنيسة، أعطوني أسماء أطفال من عيار دومينيك سافيو وماريًّا غوريتّي، أعطوني رجالَ صمتٍ وسلام نظير شربل وبادري بيو ورهبان مار مبارك. أعطوني ممرّضات يندفعن في خدمتهنّ كالراهبات أو المكرّسات…
هذا المجتمع المريض الذّي يُصنّع المخدّرات ويحاربها لرفع سعرها لجني الثروات، هذا المجتمع المريض الذّي يتحكّم بأسعار النفط صعودًا وهبوطًا وفق مصالحه لتركيع الشعوب واستعبادها، هذا المجتمع الّذي يفبرك آلات القتل والدمار ويختلقُ النزاعات لتأمين أسواقٍ لها، هذا المجتمعُ الّذي يتعرّض لكرامة الإنسان بمحوه من الوجود منذ حشا أمّه، ويستعمله للاختبارات، ويُجري عليه التعديلات، هذا المجتمع الّذي يقلب الخير شرًّا والشرَّ خيرًا، لا يحقُّ لهُ أن يدّعي محاكمة الكنيسة عندما يتمادى في تشريع جرائمه وقبائحه!
لهذه المجتمع الحاقد نقول: إنزع برج إيفل من عينك، وبرج خليفة من عينك الثانية، لكي تتمكّن من رؤية القشّة في عين الكنيسة وانتزاعها. إنزع كل ناطحات سحاب العالم وأبراجه وجسوره من عينيك قبل أن تبحث عن قشّة في عين الكنيسة.
إنّ جرائم البيدوفيليا هي بالنسبة إلينا، خطيئة عظيمة وجريمة كبرى، والكنيسة تتألّم لأجلِ هذا، ولكنّها تتألمُ أكثر من أضعاف أضعاف الجرائم الّتي تحصل في المجتمع العلمانيّ المُعادي للكنيسة.
لأبناء الكنيسة نقول، إذا كانَ ثمّة من يخونُ المسيح في الكنيسة اليوم، فهذا ليس بجديد، فأحد الاثني عشر خانَ معلّمه وقد كانَ مؤتمنًا على الصندوق. واحد من إثني عشر يوازي 8،5 بالمئة وهي نسبة تفوق بكثير نسبة الكهنة المتّهمين بالبيدوفيليا!
لن نخافَ من طغيان هذا العالم، لن تقف الخطيئة حاجزًا أمام سعينا في سبيل الله. يجب أن نتحلّى بالشجاعة على الاعتراف بخطايانا ونقائصنا، وبالعزمِ على محاربتها والتوبة عنها. ولكن علينا أيضًا أن نمتلك الجرأة والصلابة، لأن نقول لا، لا، في وجه طغيان العالم، وأن نواجهَ أكاذيبه بالحقيقة، منقادين لروح الله.
الحياة والمحتاجين – وسن سيتو
تدور بنا الحياة يا رب، وندور نحن معها نرى الكثير من الافراح، والنجاحات، والافتخار ننشغل بالكثير من الالتزامات، والمواقف، والاحداث ننساق خلف الكثير من الاشخاص، و الاخبار، والمستجدات وفي لحظة صغيرة…. نقف لنصرخ باعلى صوتنا لنقول كفى!!!! تعبنا هلكنا أنقطعت انفاسنا… نفوسنا أعيت، وارواحنا بردت وخمدت!! كفانا، نريد السكون، والهدوء، والراحة وكأننا في اصعب حال…. وكأن حياتنا اكثر ارهاقاً، والماً، من كل البشر…. نتذمر ونتذمر ، ولماذا؟؟؟ لأننا نتعب سعياً خلف رغباتنا لكننا ننسى يا رب أن هناك من لا يرى السلام ابداً، ولماذا؟؟!!! بسبب اهمالنا وتقصيرنا بسبب لا مبالاتنا، وتركيزنا على ذواتنا…. كم من مرضى ومتألمين، وحزانى، ينتظرون ابتسامتنا كم من بؤساءٍ، ومحتاجين، ويائسين، ينتظرون حبنا العالم ممتلي بالمتألمين، يارب ممتليءٌ بأولئك الذين لم يختبروا في حياتهم غير الحاجة والبكاء والبؤس لكنهم برغم ذلك صامتين…. متأملين…… متواضعين…ومؤمنين أتأملهم وانا في أندهاش أتذكرهم، فيغمرني الحزن على نفسي، اكثر من حزني عليهم لأنهم في عوزهم أكثرَ غنىً مني وفي حاجتهم، اكثر عطاءً مني وفي ألمهم، أكثر رجاءً مني لذا، أسألك يارب… أن تمنحنا حباً وحناناً يكفي ليقوينا ويقويهم وتجعل قلوبنا تنبض مع نبض قلبك ، لنعطي خفقاناً لقلوبهم ونطلب ان ترفع ارواحنا لتسمو، وترتقي فوق الامنا، لنرفع ألامهم نسالك يارب، يا قلباً لا ينسى، و يا حباً لا يغفل نسألك النعمة، والبركة، لنا ، ولهم
توما الرسول – وسن سيتو
جاء من الجليل……من جيث قانا الجزيل
من حيث صارت المعجزات…..قبل كل الساعات
صار تلميذاً للرب……أخاً، ورفيقَ درب
سمع النداء..لبى الدعاء…..ومضى لينهَلَ من نبع الحب
مضى ليسير خطوةً بخطوة….ويشهدُ لحظةً بلحظة
كيف صار الفداء.. وحل الرجاء…. و تحقق الحب
مضى ليصبح رسولاً..مبشراً…توأماً لروحٍ لا تتعب
نفسه أمتلأت بالسلام…..و روحه فاضت بالايمان
فصار صوتاً ينادي، يعلنُ بحماس…..يقول:
ياربُ….. نحن معك….. نتبعك……وان سرنا للموت
نتعبك، وان كنا لا نعرف المسير
نتبعك فأنت هو الطريق، والحق
أنت هو الحياة…… فلن نخاف معك ولا من الممات
فيا مار توما، يا ايها الرسول…….يا قلباً يبتغي الايمان بقلبٍ جسور
يا من أُعطت لنا الطوبى، بفضله…….و نلنا الثناء لايماننا، بشكِّه
اذ قالها الربُ لنا، وله…….لانك رأيت ، فأمنت….طوبى لمن لم يرى، وثبت في ايمانه
فيا رسولاً بالبشارةِ مضى…..وللحبِ، ولأجل الفداءِ، قد قضى
نسألك اليوم أيماناً كأيمانك…..وحباً كحبك……وثباتاً كثباتك
الصلاة في العائلة – تيريزا ايشو
عندما نذكر كلمة الصلاة تمر في مخيلتنا آلاف الصلوات التي حفرت في ذاكرتنا من الطفولة من اول صلاة رددها أهالينا على مسامعنا مرورا بالصلوات اللتي تعلمناها في صفوف التعليم المسيحيي والاستعداد للتناول الاول وغيرها من صلوات لاتعد ولاتحصى . كل هذا جيد ولا غبار عليه طبعا لكن منذ صغرنا تعلمنا أيضاً ان الصلاة هي حوار مع الله فليتم الحوار فلابد من ان يكون هناك طرفين في الحوار احد الأطراف يتكلم والطرف الاخر يسمع وبالعكس فإذا أدركنا ان الصلاة هو حوار مع الله فعلينا اذا ان نتكلم مع الله مثلما نتكلم مع أبانا او آمنا او حبيبنا او اقرب. شخص على قلوبنا شخص ترتاح للحديث معه هذا هو حال الصلاة أحاور الله اذا كنت سعيدا أشاركه سعادتي وان كنت حزينا اشكي له همي فهو وان نست الام رضيعها لا ينساني ؟ فصلاتي يجب ان يسبقهامشوق الحبيب للقاء حبيبته وبالعكس وبعدها ارمي بنفسي في أحضان الرب لانه هو من قال تعالو الي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وإنا أريحكم فلا توجد راحة أبدا تضاهي راحتنا في احضان الخالق فستظل ارواحنا قلقة الا ان تستريح في احضان الله. وهكذا أتكلم أنا مع اللة لا اردد كلمات حفضتها لاسمعها له كالمحفوظة فالصلوات اللتي تعلمتها تكون كمدخل لي للقاء بألاب . اذا فهمنا الصلاة بمعناها الحقيقي نستطيع ان نبني اساسا قويا يعتمد عليه ابناؤنا. ومن هنا تظهر مسؤولية الوالدين في زرع بذرة الايمان في قلوب الأبناء الم يقول المثل ” العلم في الصغر كالنقش في الحجر”؟ اذا انفتحت عيون الاطفال على والديهم وهم متمسكين بالإيمان والالتزام بالصلاة وخصوصا عندما ترافقها طقوسا خاصة كان تجمع الام أولادها حول الكتاب المقدس وصورة العذراء مريم مع إشعال الشموع والبدء بتلاوة صلاة الوردية فلا يوجد اجمل من ان تجتمع العائلة في هذا الجو الروحي لتلاوة مسبحة الوردية يتبعها قراءة من نص إنجيلي فكما تقول الام تيريزا العائلة التي تصلي مع بعض تبقى مع بعض فهذه دعوة أوجهها لكل الآباء والأمهات ليجعلوا من الصلاة شمعة تنير أمامهم ظلام الليل الحالك الذي يسود حياتنا اليوم.
ربي والهي – الاب بولص منكنا
يُعتبر الرسول توما، الملقب “بالتوأم”، أحد الأثني عشر رسولاً، الذي دعاه الرّبّ يسوع منذ بداية تدشين رسالته الخلاصية، في التبشير بملكوت الله ودعوة الناس للتوبة والإيمان به لنيل الخلاص. يحتفظ الإنجيليون الأربعة ببعض من الجمل أو العبارات أو الكلمات التي نطق بها رسولنا توما خلال مسيرة حياته مع الرّبّ يسوع والتي، تُبين أحياناً بعض من الصفات الخاصة بهذا الرسول الذي حظي تقليدنا الكنسي المشرقي بالحظ السعيد، وبالأخص بلدنا، بين النهرين، بأن يعتبره مبشرها بالبشرة السارة (بالإنجيل)، وبالتالي شفيعها والأب الروحي لها. المقال هذا سيركز على خبرة توما مع الرّبّ، وما لفظه من كلمات حفظتها لنا الأناجيل، شارحاً بعضا من معانيها ولاهوتها العميق.
الرسول توما والأناجيل الأربعة
يرد اسم مار توما الرسول في قائمة الإثني عشر في المرتبة السابعة حسب متى (10: 3)، في المرتبة الثامنة حسب الإنجيلي مرقس (3: 18). أما في لوقا فتارة يضعه في المرتبة الثامنة تابعاً قائمة مرقس (لوقا 6: 15)، وطوراً يضعه في السادسة (راجع رسل 1: 13). فإن دلّ هذا على شيءٍ إنما يدل على إلأهمية والمكانة التي يحفظونها مؤلفي الأناجيل لمار توما. في الحقيقة، يأتي توما في منتصف قائمة الإثني عشر. ومن المعروفُ بأنَّ الأرقام في الكتاب المقدس لها دلائل ورموز ومعاني عميقة، فالرقم 7 يدل على الكمال. فلم يكن موقعه هذا آتياً عن طريق الصدفة بأن الإنجيليون يحفظوا لهذا الرسول تلك المرتبة في قوائمهم. كل ذلك يحمل معنى عميق من حيث الأهمية والمكانة بين الرسل هذا من ناحية. من ناحية أخرى، نستطيع أنْ نستشفّ من العبارات التي لفظها حسب شهادة الإنجيلين الأربعة، العمق الروحي اللاهوتي والإستعداد الآني لشفيعنا لحمل البشارة والسير خلف الرّبّ وإنْ إقتضى ذالك الموت. يرد ذكر توما الرسول مرات عديدة في الإنجيل الرابع، في الحقيقة، أكثر من الأناجيل الإزائية. والعبارات أو الكلمات التي يخصها هذا المقال ترد في المراجع: 11: 16؛ 14: 5؛ 20: 24+26-28؛ 21: 2. في إنجيل يوحنا يركز يوحنا في روايته الإنجيلية على شخص توما الرسول مانحاً إياه أهمية ومكانة خاصتين، فيذكره مرات كثيرة وفي مناسبات عدة، وبالأخص في قصص ظهورات الرّبّ يسوع لتلاميذه بعد قيامته من بين الأموات، مِمَّا يُضفي على شفيعنا في هذه الروايات أهمية ودرجة كبيرة من العمق المعنوي والروحي. يرد إسم توما الرسول لأول مرة في هذا الإنجيل في الفصل الحادي عشر، في رواية إحياء لعازر، الصديق الحميم ليسوع (يو 11: 16). العبارة الأولى التي لفظها فم رسولنا، والتي نحن بصددها، تأتي بالضبط في هذا السياق. طلب الرّبّ من تلاميذه الذهاب إلى بيت عنيا، القرية الموجود فيها بيت لعازر. وأخبر رسله بصراحة بنبأ موت صديقه (يو 11: 11-15). نسمع الرسول توما، في نفس السياق، يطلب مقترحاً على بقية التلاميذ الذهاب مع يسوع إلى حد الموت معه: “فقال توما الذي يُقال له التوأم لسائر التلاميذ، فَلْنَمْضِ نحنُ أيضاً لنموتَ معه!”. ماذا قصد الرسول بهذه العبارة، وماذا تعني؟
شرح عبارات توما الرسول
هذه العبارة تحمل كثيراً من المعاني: قبل كل شيء توضح لنا الإيمان القوي والمتين لتوما بالرّبّ يسوع بأنّه هو سيد الحياة. فله وحده أُعطي السلطة والقدرة على أنْ يقهُر الموت، لكونه مصدر الحياة لأن به خُلقَ كل شيء. فقصة إحياء لعازر ما هي إلا رمز لقيامة الرّبّ يسوع من بين الأموات. يظهر من الأعجوبة هذه بأنّ يسوع له السلطة لإعادة الحياة لأي شخص شاء، كلعازر هذا، ميت منذ أربعة أيام. فيسوع إذن، بالسلطان المُعطى له من قبل الآب السماوي، الذي يفوق الإدراك البشري، به يستطيع شل حدود وقوانين الطبيعة، لكونه سلطانٌ آتٍ من الله نفسه. هذا برأي ما كان قد وصل إليه إيمان الرسول توما بالرّبّ حين طلب من إخوته الرسل ذاك الطلب الغير العادي والصعب جداً. والرسول كان قد وصل أيضاً إلى القناعة التامة بأنَّ مصيره سيكون كمصير معلمه الإلهي، بأنه يوماً ما سيقاسي آلالاما شديدة ويموت متحداً بربّه (يو 12: 5). في سياقٍ آخر، في نفس الإنجيل الرابع، بينما الرّبّ يسوع يُعلِّم تلاميذه في حوار طويل قبل عيد الفصح، مكلماً ومهياءً إياهم عن رحيله من هذا العالم صاعداً إلى أبيه السماوي. ويواصل كلامه وهم على العشاء الآخير منباءً التلاميذ بالذي سيسلمه، وشارحاً عن الطريق الذي سيمر فيه وسيجتازه ممجداً الآب. نسمع مرة أخرى، في سياق حديث يسوع مع التلاميذ، نسمع توما الرسول وهو يسأل معلمه: “يارّبّ، إننا لا نعرف إلى أينَ تذهب، فكيف نَعرِف الطريق؟” (يو 14: 5). هنا أيضاً كبقية الرسل، توما يسأل المعلم وهو مليء من الحزن بمغادرة الرّبّ. نلاحظ في العبارة هذه عفوية وبساطة الرسول توما شفيعنا، ثم حرصه على معلمِّه، وإنْ في الحقيقة لمْ يَفهمه، كبقية الرسل: مثل هامة الرسل وفيليبوس والآخرين. هذا التساؤل، من جهة أخرى، وبفضل توما، جعل الرّبّ يسوع أنْ يلفظ المقولة الشهيرة: “أنا هو الطريق والحق والحياة، لا يمضي أحدٌ إلى الآب إلا بي” (يو 14: 6). العبارة الأكثر وضوحاً والأعمق معناً تردُ في الفصل العشرين من إنجيل يوحنا. في سياق مختلف بعض الشيء عما ورد في الحديث. في الحقيقة، في روايات القيامة، وخصوصاً في ظهورات الرّبّ يسوع للتلاميذ: الترإي الأول كان لمريم المجدلية حيث أسرَعَتْ وبشرتْ به التلاميذ ( يو 20: 11-18). بعده، الثاني للتلاميذ بغياب توما. هنا أيضاً حضي توما الرسول بترأي خاص وهو الثالث حسب الإنجيلي يوحنا، ظهور مخصص للرسول الشكوك والذي لمْ يؤمن بالتلاميذ بزعمهم أنهم شاهدوا الرّبّ حياً (يو 20: 19-23). إذنْ ظهورٌ وحيدٌ وخاص لتوما بعد ثمانية أيام من الترأي الثاني. في سياق هذا الظهور الثالث، ونتيجة له زال شك شفيعنا عندما حضي برؤية جروح الرّبّ، إي يديه ورجليه وجنبه. إثر ذالك الحدث الإلهي نسمع الرسول يلفظ بتلك المقولة الشهيرة، التي تُعتبر شهادة إيمانية، في سياق هذا الإنجيل، تٌعتبر آخر شهادة إيمان. تلك الشهادة الإيمانية، في الواقع، تجمع بين ألقاب الرَّبّ يسوع: “الرّبّ” و “الأله”. فعبارته المشهورة تلك: “ربِّي وإلهي”، تحملُ في طياتها إيمانٌ ثابتٌ وشهادة صلبة بأنَّ يسوع القائم من بين الأموات والمترائي لتوما هو الرّبّ والأِله. ومن الجدير بالذكر هنا، بأنَّ هذه الشهادة الإيمانية جَلبَتْ لللأجيال الآتية بعد توما الرسول وبفضله الطوبى الربانية، للذين سيؤمنون بالرَّب يسوع دون أنْ يروه بالأعين البصرية: “طوبى للذين يؤمنون ولَمْ يروا” (يو 20: 29).
نحن والكنيسة – عبد الله النوفلي
بدءا أود أن أقدم في هذه السلسلة من المقالات موضوعا ايمانيا واجتماعيا مهما لحياتنا وفي حياتنا، لانه لايخلو مجلسا من مجالسنا من الحديث ذي صلة إما بموضوع ديني أو بكنيسة أو بالاكليروس ولكوني ملتصقا منذ صغري ببيتي الأصلي الذي هو الكنيسة التي اعتبرها أورشليم الأرضية واستمرت علاقتي بكنيستي بنفس القوة طيلة سنوات عمري ولم أجد حرجا أو مشكلة ما من أي من مفاصل السلم الكنسي بحيث كنت طالبا في التعليم المسيحي ومن ثم معلما له فيها وعضوا في الاخويات المختلفة ومسؤولا عن مختلف الأخويات لعقود خلت وعشت لحظات حلوة في عملي الكنسي كما عايشت لحظات المرارة التي عاشتها الكنيسة خلال فترة الظلم الذي لحق بالكنيسة وبالمسيحيين في فترات مختلفة ولم تكن حادثة كنيسة سيدة النجاة أول الماسي ولا أعتقد بأنها ستكون الأخيرة بهول حجمها وتأثيرها على مستقبل الوجود المسيحي في العراق. وشهدت حياتي مع كنيستي لحظات من الفتور كما شهدت لحظات من الحرارة والنشاط وربما هذه كانت الأكثر بحيث شعرت دوما بأنني عنصر نافع لكنيستي ولأخوتي في الايمان وكذلك لزملائي الشمامسة ولأبنائي في الأخويات التي أصبحت مسؤولا عن تقديم الزاد الايماني والروحي لأفرادها كي يستطيعوا الثبات والاستمرار في ظل ظروف اختلطت فيها الاوراق وأصبح من الصعوبة بمكان أن نميز الصالح من الطالح والعدو من الصديق، وأصبح المؤمن والذي يسير على نهج المباديء التي علمنا أياها يسوع وكأنه العنصر النشاز في المجتمع أو كأنه في وادٍ والمجتمع كله في وادٍ آخر، حتى أيقنت بأن المقولة التي جاءت في الكتاب المقدس حين قال: سيأتي يوما حين يقدمونكم للمحاكم ويجلدونكم يعتقدون أنهم يقدمون قرابين لله، أيقنت في فترات ليست قليلة بأنها تنطبق علينا نحن فعلة الساعة الحادية عشرة. وانطلاقا من كل ما تقدم أرغب أن أسجل موقفا بمقالاتي المتسلسلة حول هذا العنوان للتاريخ من خلال خبرتي ومعايشتي وأن أحاول فيها تصحيح ما اعتبرته يوما بأنه موقفا غير سليما من قبلي أو قبل أخوتي المؤمنين عندما نتكلم بكلام عام وغير مسؤول سواء من أجل الثرثرة أو من أجل أملاء فسحة من الزمن أو من سبيل المزاح أو بكلام ننقله عن غيرنا لا نقدر حجم قدره وتأثيره لهذا الكاهن أو ذلك المطران أو البطريرك أو راهب أو راهبة أو حتى علماني أو شماس، فكلنا بشر وكلنا خطاؤون أو معرضون للزلات، وعلينا وعلى حالنا تكلم ربنا له المجد عندما قال “لا تدينوا فلا تدانوا. لا تقضوا على احد فلا يقضى عليكم.اغفروا يغفر لكم” (لوقا 37:6)، وجميعنا ننحى منحى الدينونة لغيرنا وننزعج جدا عندما يديننا الآخرون، ونقضي بشدة وبانفعال على غيرنا لكن ننتفض بشدة عندما يصيبنا أذى من قضاء الآخرين علينا، ونطالب الآخرين كي يغفروا لنا وعندما يتعلق الأمر بنا نحكم على الآخرين بقسوة ونبتعد عن المغفرة، وننسى دوما أننا نردد في الصلاة التي علمنا أياها يسوع ولمرات عديدة ربما يوميا عندما نقول “… أغفر لنا … كما نحن نغفر لمن أخطأ ألينا…” أليس من الأوجب لنا أو علينا أن ننظر إلى الخشبة التي في عيوننا قبل أن ننظر للقذى الذي في عيون غيرنا!!، (متى 3:7و4 و5، لوقا 41:6و42)، وننسى أيضا أننا نلغي كل العمل الذي قام به ربنا على الصليب وحمل خطايا جميعنا الامر الذي يستوجب موتنا عن الخطيئة كي نحيا للبر وتشفى نفوسنا .
هذا الامر يتطلب منا أن نقف مع كنيستنا التي هي عروس المسيح ونحاول أن نكون أعمدة ساندة لها في أية نقطة نجدها من وجهة نظرنا ضعيفة كي نسندها ونقويها لتقف شامخة خاصة ونحن حجارة حية في بنائها (1بط 5:2 )، ولا نصبح عثرة لأي أحد من أخوتنا أو أمام الغرباء لأننا عندما نتكلم بسوء فإنه ينعكس بذات الوقت علينا دون وعي منا، ولنكن متيقنين بأن الآخرين إذا كانوا من أعداء الكنيسة فإنهم سيفرحون ويشجعوننا كي نساهم بمعاول ألسنتنا هدم بنيانها، وإن كانوا من اللا أباليين فإنهم سينظرون إلينا نظرة أزدراء لأننا نتكلم عن بيتنا الثاني بكلام غير مسؤول والآخرين المؤمنين سنجعلهم يحزنون لأنهم يرون أن من ضحى المسيح من أجلهم يدقون المسامير الأكثر إيلاما في جسد كنيسته وبالمحصلة في جسده، وهكذا فإننا لن نجني شيئا سوى الازدراء ونكسب الخطايا، ولا أعتقد أن أي مؤمن يريد لنفسه الوصول إلى مثل هذه النتائج. من أجل هذه المفاهيم أتمنى أن يسع صدر قرائي الأحباء لمجموعة المقالات التي ستأتي تباعا وليس بالضرورة أن تكون بشكل منتظم، لكن أعد قرائي بأنها لن تكون بفترات بعيدة كي يبقى الموضوع حارا وأنا على استعداد لتقبل الملاحظات أينما وجدت كي نصل بموضوع مقالاتي إلى مرحلة نرضي أنفسنا ونرفع من شأن كنيستنا ويرضى الله علينا، إنه سيكون جهدا نسأل بركة الله كي نمضي به قدما
نحن والكنيسة – عبد الله النوفلي
يدعونا الرسول بولس في رسالته إلى أهل فيليبي: “فَتَمِّمُوا فَرَحِي حَتَّى تَفْتَكِرُوا فِكْرًا وَاحِدًا وَلَكُمْ مَحَبَّةٌ وَاحِدَةٌ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ، مُفْتَكِرِينَ شَيْئًا وَاحِدًا، لاَ شَيْئًا بِتَحَزُّبٍ أَوْ بِعُجْبٍ، بَلْ بِتَوَاضُعٍ، حَاسِبِينَ بَعْضُكُمُ الْبَعْضَ أَفْضَلَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ. لاَ تَنْظُرُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَا هُوَ لِنَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَا هُوَ لآخَرِينَ أَيْضًا. فَلْيَكُنْ فِيكُمْ هذَا الْفِكْرُ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ أَيْضًا ” (2:2-5). إذا الرسول بولس يدعونا كي نتمم فرحه، وهذا الفرح يكون بوحدتنا مع بعضنا البعض كعلمانيين وأكليروس أي كمسيحيين مؤمنين بمشروع الله الفدائي وهذا الايمان يدعونا لكي نكون كنيسة واحدة قوية تحمل رسالة ربنا بهمة ونشاط وتتعزى بالمسيح الذي لم يفكر ولو للحظة واحدة بنفسه بل على العكس نجده قد أخلى ذاته وصار شبيها بنا وحل بيننا، وأطاع بدءا من طاعته لمربيه مار يوسف وأمه العذراء مريم ومن ثم استمر حتى أصعدوه الجلادون إلى خشبة الصليب التي أعطانا من خلالها درسا علينا اليوم أن نقتدي به خاصة ونحن نعيش هذه الايام بحال لا يسر المسيح أبدا. فنجد من يحاول تفتيت الكنيسة أو النيل من الرئاسات أو التقليل من الصلوات والشعائر التي تقام فيها متخذين ذرائع واهية كي نبتعد نحن الملتزمين ومحاولة أبعاد الآخرين كي لا نكون وحدنا بعيدين وكأن حضور الاحتفالات الليتورجية لمدة ساعة اسبوعيا يكون أمرا ثقيلا لا نقوى على احتماله دون أن نفكر كم من الوقت نقضيه في أرضاء أهوائنا المادية وميولاتنا الأرضية، ونسينا أن نتيجة طاعة المسيح حتى الموت على الصليب قد تكللت بأن رفعه الله إليه وأعطاه أسما فوق كل الأسماء الأمر الذي تنحني له كل ركبة في السماء وفي الأرض ويشهد له كل إنسان بأنه المسيح الرب. إن وحدتنا تقودنا للشراكة كأخوة بالمسيح كي نبني كنيسته ونقوي أسسها كي تكون فعلا مبنية على الصخر ولا تزعزعها الرياح مهما كانت شديدة، وهذا الذي يجب أن ننتبه إليه لأن كل ما يعاكسه فإنه يقود للإنقسام وبالتالي فإننا نكون قد رفضنا دعوة القديس بولس التي هي رغبة ملحة لربنا يسوع المسيح. فالمسيح قد منحنا محبته وعلينا ان نكون واهبين لمحبة مماثلة لأخوتنا الآخرين خاصة وأننا استلمنا الروح القدس حالنا حال التلاميذ اعتبارا من قبولنا لسر المعمودية وجددنا لاحقا لمواعيدها، واصبحنا ابناءا لله وهياكل للروح القدس خاصة نحن اغصان كرمة المسيح وهذا الحب إن تجذر فينا فإنه وحده كفيل كي نتمم رغبة الرسول بولس لنصبح جماعة واحدة وبقلب واحد، وجماعة كهذه لا يمكنها التباهي بمجد باطل لأن الهرولة وراء هذا تؤدي بنا إلى تدمير كل أسس البنيان ونحصل على نتائج مغايرة تماما لما اراده القديس بولس، لأن الأنانية هنا ستعمل وسنقوم بتفضيل الأنا على الآخر. لكن ربنا يدعونا إلى محبة القريب كالنفس أي أنه يدعونا كي نعترف بالآخر وبوجوده الذي له تأثير في محيطه كما لي أيضا وكما أعتبر نفسي نافعا للجماعة فيدون شك الآخر ربما لديه ذات القناعة فيكون الحضور المتكامل هو حضورنا كلنا معا كي نحصل من ذلك منفعة أعم والتي تصب في المحصلة في منفعة كنيسة المسيح. وبهذه الروح أخوتي سنكون نسير وفق وصية ربنا التي صلى كي نكون واحدا وكي لا ندع مجالا للشيطان كي يغربلنا، فوجودنا المسيحي اليوم مهدد لأن كنيستنا مهددة من خلالنا لأننا نهتم بأمور كثيرة كما كانت أخت لعازر تهتم ونسينا أن الحاجة هي لواحد هو يسوع المسيح الذي هو في ذات الوقت رأسا للكنيسة التي افتداها بدمه على الصليب. فهل نسمح لأنفسنا أن ندع هذه الكنيسة تعيش في بحر متلاطم ونجلس نحن نتفرج وكأن الأمر أو حاجة الكنيسة هي من أختصاص رجالات الدين وعلى الكاهن أن يتكفل بكل شيء وعليه أن يكون جاهزا لكل شيء ونحن نأتي ونجد كل شيء جاهز ونثور إن حدث تقصير بشيء بسيط ونجعل من أنفسنا الحاكم والجلاد معا، ولو فكرنا قليلا سنجد أن الكاهن سيكون وحيدا ولا يمكنه العمل أي شيء إذا ابتعدت عته الجماعة، ولو حدث العكس وأعتبر كل منا ان الكنيسة هي بيته ويعمل من أجلها سنجد أن روحية الوحدة بالمسيح وفي الكنيسة ستاتي بثمار جمة منها مائة ومنها ستون ومنها ثلاثون وهذا هو ما رجاه المسيح والقديس بولس برسالته وأرادنا أن نصبح فكرا وقلبا واحدا وأبسط ما نقوله أن أبو المثل قال في الاتحاد قوة، فما علينا سوى أن نتحد كي نكون لائقين بأن نُدعى تلاميذ للمسيح.
نحن والكنيسة – عبد الله النوفلي
تنتابنا تساؤلات كثيرة وحتى للمطلعين منا عن الكنيسة؛ مما تتكون وماهيتها وإيمانها ولماذا نجد اليوم كنائس بمسميات عديدة وطقوس مختلفة؛ فللكاثوليكية منها أعداد كثيرة بطقوس متنوعة وهكذا نجد الأرثذوكسية برئاسات وطقوس عديدة والإنجيلية فاقت كل الانواع الأخرى بعددها وأسمائها بحيث يوجد منها نصف مليون كنيسة مثلا في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها!!.
والمعروف عندنا ربما أن الكنيسة هي بيت الله فيه يجتمع المؤمنين كي يؤدوا فعالية ما؛ كأن تكون صلاة أو تعليم أو طقوس وتتكون من جماعة من البشر مؤمنين بالمسيح وينالون العماد باسمه ويسلكون وفق النهج الذي رسمه في إنجيله الطاهر وينهلون من تعاليمه السماوية كي يرسموا طريقا ناجحا في حياتهم ولحياتهم ويكون مثمرا روحيا ليكونوا في النتيجة أبناء أمناء له يتلمذون كل الامم باسم الاب والابن والروح القدس. فالكنيسة إذا تتكون ظاهريا من مجموعة من البشر يربطهم معا نظام كنسي معين ويكون الرب الإله هو القائد والمؤسس لها ويعيشون مع بعض بحب الله ولعبادته وتمجيد اسمه وصولا لجعل حياتهم أورشليما أرضيا بمواصفات يتمنون أن يصلون بها إلى أورشليم العليا ويتوقون الوصول إليها يوما أو عند انفصالهم عن هذا العالم والعيش الأبدي في ملكوت السماوات خاصة أن ربنا يسوع المسيح صرح لتلاميذه أن مملكته ليست من هذا العالم. إذا نحن الكنيسة ومِنا تتكون ونحن أعضاؤها وأبناؤها وبنا تحيا وتزدهر، فربنا له المجد قال حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فأكون بينهما وامنحهم ما يسألون. فالمسيح هو مؤسسها ورأسها وهو من خلالنا يعمل لنكون حجارة حية كي تحيا وتستمر وأبواب الجحيم لا تقوى عليها.
فالمسيح أسس كنيسته جاعلا مار بطرس رئيسا أولا لها عندما اعترف بألوهية المسيح في حادثة قيصرية فيلبس ولمّا وصل يسوع إلى نواحي قيصرية فيلبس سأل تلاميذه: من ابنُ الإنسان في قول الناس؟” فقالوا: “بعضهم يقولون: هو يوحنا المعمدان، وبعضهم الآخر يقول: هو إيليا، وغيرهم يقول: هو إرميا أو احد الأنبياء”. فقال لهم “ومن أنا في قولكم انتم؟” فأجاب سمعان بطرس: “أنت المسيح ابنُ الله الحي”. فأجابه يسوع: “طوبى لك يا سمعان بن يونا، فليس اللحم والدم كشفا لك هذا، بل ابي الذي في السموات. وانا اقول لك: أنت صخر وعلى الصخر هذا سأبني كنيستي، فلن يقوى عليها سلطان الموت. وسأُعطيك مفاتيح ملكوت السموات. فما ربطته في الارض رُبط في السموات. وما حللته في الأرض حُلَّ في السموات”.(متى 13:16-19)، وله أعطى ربنا له المجد مفايح ملكوت السماوات وسلطان ما يحله أو يربطه في الأرض يكون هكذا في السماوات، وجعل منه الصخرة التي يبني عليها بيعته، وهكذا وصلت الكنيسة إلى يومنا هذا بوضع الأيدي وتسليم ما أخذه الرسل من ربنا لخلفائهم وعملوا جميعا على تنظيمها وترتيبها وأغنائها عبر الأجيال حتى وصلت إلينا كما هي اليوم. ولم يكتف ربنا بعمله هذا مع القديس بطرس بحيث نجده بعد قيامته المجيدة يتابع ما سبق وأن قاله لبطرس كي يبعد عنه كل آثار نكرانه للمسيح خلال مأساة الصلب ولكي يجعل منه راعيا أمينا لقطيع المسيح عندما اختبر محبته وهذا نجده جليا في النص التالي من إنجيل يوحنا (15:21-17) وبعد أن فطروا قال يسوع لسمعان بطرس: يا سمعان بن يونا، أتحبُّني أكثر مما يحبني هؤلاء؟” قال له: نعم يا رب، أنت تعلم أني احبك حباً شديداً”. قال له: “إرعَ حُملاني”. قال له مرة ثانية: “يا سمعان بن يونا، أتحبني؟” قال له: “نعم، يا رب، أنت تعلم أني احبك حباً شديداً”. قال له: “اسهر على خِرافي”. قال له ثالثة: “يا سمعان بن يونا، اتحبني حباً شديداً؟” فحزن بطرس لأنه قال له في المرة الثالثة: أتحبني حباً شديداً؟ فقال: “يا رب، أنت تعلم كل شيء، أنت تعلم أني احبك حباً شديداً”. قال له: “إرعَ خِرافي”.، وأكمل ذلك ربنا بحلول الروح القدس يوم العنصرة والتلاميذ مجتمعين ومعهم مريم العذراء بموجب ما يرويه لنا كاتب سفر أعمال الرسل (14:2-41)، ونجد بطرس يسارع لألقاء خطبته بعدها في الجموع ويقوم الرسل بتعميد حوالي ثلاثة آلاف شخص دفعة واحدة. وربما غير المطلع على تاريخ الكنيسة يتساءل كيف عاشت الكنيسة الاولى؛ لكن سفر أعمال الرسل يوضح هذا في (42:2-47) وبوضوح حيث كان الجميع مواظبون على التعليم والمشاركة وكسر الخبز وفي الصلوات وكان الرسل مع الجماعة قلبا واحدة وحدثت العديد من المعجزات على أيدي الرسل، وكان كل شيء مشترك فيما بينهم حتى كان المؤمن يبيع ما يملك ويتقاسمون الأثمان فيما بينهم ويلتزمون الهيكل وهم يسبحون الله وكانت جموعهم تزداد وعددهم يكبر لأن الرب كان معهم يؤازرهم ويقويهم لأن الروح كان موجودا بينهم. فلدينا إذا اليوم رسالة يتوجب علينا القيام بها ألا وهي وديعة الايمان وعلينا مسؤولية نقل هذه الوديعة للأجيال القادمة كي تبقى كنيسة واحدة جامعة مقدسة رسولية تماما كما كانت أيام الرسل ونقل تعاليمها بأمانة لأنها هي الجسد والوجه الظاهر للعيان للمسيح وبها كوسيلة نتمكن الوصول للمسيح ولايوجد طريق آخر نصل من خلاله إليه إلا الكنيسة فقط، هذه الكنيسة التي تعيش على الإيمان القويم الحق البعيد عن البدع والضلالات المتنوعة التي أقل ما تفعله هو تمزيق جسد المسيح وتحاول أضعاف الإيمان في نفوس أفراد قطيعه. فللكنيسة رسالة مهمة تحاول وتعمل جاهدة كي توصلها للمؤمنين لكي يتم توزيع ثمار الفداء الذي قام به المسيح على جميع المؤمنين بعملية الموت على الصليب وذلك من خلال رموز نقوم بها في الصلوات وممارسة الاسرار والمشاركة في الذبيحة الالهية والاقتراب من سر القربان المقدس … التي بدونها يضعف إيماننا والتزامنا بواجباتنا الدينية.
وكنيسة المسيح يجب أن تكون كنيسة منتظمة ومنظمة ولذلك فوجود السلطة الكنسية أمر ضروري لإدارتها بدءا من رأس الكنيسة نزولا لمجمع الأساقفة ومرورا بكل من له مسؤولية فيها من غبطة البطريرك أو المطارنة والكهنة وصولا لمعلمي التعليم المسيحي واللجان الخورنية والأخويات وغيرها، أما نحن العلمانيين العاديين فكلنا أعضاء في جسد الكنيسة بالعماد فعلينا تقع مسؤولية محبتها والعمل من خلالها والالتزام بتعاليمها والدفاع عن مواقفها ومحاربة الأفكار الهدامة والبدع التي تبعدنا عن الايمان القويم. ولدينا العديد من الأمثلة بأن كنيستنا حية وستبقى خالدة فنجد القديسين العظام أمثال فرنسيس الأسيزي والأم تيريزا وريتا ورفقة وشربل وآلاف الشهداء الذين يروون مسيرة الكنسية بدمائهم الزكية وعلينا مسؤولية أن نكون أعضاء أحياء فاعلين والإلتصاق بها لانها الطريق الذي يقودنا للمسيح أي إلى أورشليم السماوية، ونبتعد كل البعد عن الترصد لأخطاء بعضنا البعض والعمل على الايقاع بهذا أو ذاك أو التشهير بذلك الكاهن أو المطران او حتى العلماني لأن هذا السلوك هو بعيد كل البعد عن الذي يريده منا ربنا يسوع المسيح، فلنحيا في الكنيسة وبها ونستمد منها الحياة ونحمل الرسالة دون كلل او ملل حتى نكون مستحقين الطوبى من ربنا ومؤهلين لأن نُدعى قديسين ونرث ملكوت السماوات.
نحن والكنيسة – عبد الله النوفلي
تنتابنا تساؤلات كثيرة وحتى للمطلعين منا عن الكنيسة؛ مما تتكون وماهيتها وإيمانها ولماذا نجد اليوم كنائس بمسميات عديدة وطقوس مختلفة؛ فللكاثوليكية منها أعداد كثيرة بطقوس متنوعة وهكذا نجد الأرثذوكسية برئاسات وطقوس عديدة والإنجيلية فاقت كل الانواع الأخرى بعددها وأسمائها بحيث يوجد منها نصف مليون كنيسة مثلا في الولايات المتحدة الأمريكية وحدهايمكن لنا تعريف الكنيسة؛ بكونها جماعة المؤمنين الذين يسيرون وفق تعاليم ومباديء المسيح ويمارسون هذه المباديء في مجتمعاتهم تحت ارشاد وقيادة سلطة كنسية مختارة، وأيضا فإن الكنيسة يمكن أن نعتبرها سرّ لحضور المسيح فيما بيننا حيث نقول في صلاة التبشير الملائكي: الكلمة صار جسدا وحلّ بيننا أي ليخلصنا، هذا السر الذي لم يأتي دون مقدمات أو تحضيرات بل أن المخطط الإلهي كان منذ أن دعى الله أبرام من أور الكلدانيين ومن ثم أسحق ويعقوب مرورا بشعب الله وصولا لسيدنا وربنا يسوع المسيح مولودا من عذراء.
وكانت اللمسات الأخيرة لانطلاقة الكنيسة هو يوم العنصرة عندما حلّ الروح القدس على الرسل وهم مجتمعين في العلية ومعهم مريم ام يسوع، فانطلقت منذ تلك اللحظة رسالتهم، وكما فعل المسيح في ليلة العشاء الأخير مع تلاميذه حينما غسل أرجلهم أي أنه أعطى لهم مثالا أن يقدموا الخدمة لغيرهم بتواضع هكذا أيضا أراد ربنا للكنيسة أن تكون خادمة للمخطط الإلهي ولملكوت الله وتعد بل تكمل الطريق الذي بدأه الرب في سنوات نشر تعاليمه الثلاث التي قضاها على الأرض.
والكنيسة هي أيضا غير محددة بزمان أو مكان ولجميع البشر خاصة وأن المسيح قد أوعز لتلاميذه أن يتلمذوا كل الأمم ويعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس، أي أنها ليست محصورة بعرق أو لون أو مكان، وهي كنيسة حية أكثر مما هي كنيسة مادية مبنية من حجارة صماء، وقد قدسها المسيح، لذلك نقول كنيسة مقدسة ورسولية لأن الرسل وخلفائهم يتولون مسؤولية أدارتها واستمرارية رسالتها الروحية لجميع البشر.
والكنيسة حية بالمؤمنين الذين هم أعضاء في جسد المسيح الذي هو رأس الكنيسة وهؤلاء من نسميهم بالعلمانيون المؤمنون ومنذ لحظة إيمانهم وقبولهم للعماد المقدس يصبحون جزءا من شعب الله وشركاء كهنوت المسيح وكنيسته، وهم الذين يعطون شهادة إيمانهم في كل لحظة وبذلك يعطون لكنيستهم حضورا في كل مكان؛ في البيت وفي العمل والدراسة والحقل و ….
والعلمانيون ليسوا أندادا للاكليروس ولا يجب أن يكونوا بمواجهة معهم بل على العكس عليهم أن يكونوا يدا وقلبا واحدا كما كان الرسل وجماعة المؤمنين في الكنيسة الاولى ولم يعد عبد ولا حر ولا يهودي أو يوناني على قول الرسول بولس ولكل واحد مواهبه الخاصة التي بها يغني مسيرة الايمان الجماعي لجماعة المؤمنين، ونتيجة تنوع المواهب فإن ذلك يعد مصدر قوة للكنيسة.
والكنيسة فيها نوعان من الكهنوت، الكهنوت العام الذي تديره سلطة الكنيسة المتمثلة خدمتها بتقديم الأسرار باسم الشعب كله، وكهنوت العبادة او الشهادة الذي يشمل جميع المؤمنين الذين قبلوا سرّ المعمودية ونالوا جسد المسيح ودمه، ويواضبون على الصلاة والشهادة للمسيح من خلال حياتهم، أي أن لهم وعي خاص ومسؤولية كبيرة داخل الكنيسة وخارجها.
مما سبق يتضح لنا بأن الكنيسة ليست محصورة بسلطتها الدينية وهرمها الكهنوتي إذ بدون المؤمنين ستصبح الكنيسة فارغة بل تتلاشى وتضمحل، فمن واجب قطبي الكنيسة اللذان هما رجال الدين أي السلطة فيها والمؤمنين العلمانيين أن يتعاونوا معا كل بالموهبة التي أعطاها له الله او السلطة التي نالها من خلال وضع الأيدي ليكون خليفة للرسول بطرس داخل الكنيسة والابتعاد عن كل أشكال التضادد والديكتاتورية ومحاولة طمس مواهب الآخرين وإمكانياتهم أو محاولة أخضاعهم ليكونوا متلقين فقط وغير مبدعين لأن عندها ستكون الكنيسة تقف على عمود واحد فيكون ارتكازها قلقا بل قد تسقط بكل لحظة، لكن لو حدث التفاهم مع بعض وكل يعي دوره داخل الكنيسة عندها سنجد أن الطاقات تتفجر من أجل البناء والخدمة وسيقدم كل من له موهبة موهبته وسيشعر الجميع أنهم مسؤولون كي لا تقوى قوى الجحيم على الكنيسة وكي تصبح قاعدتها عريضة وتتحرر من الكبرياء والتعالي ولن يكون هناك من يجلس في برج عاجي أو كرسي عادي وستكون هموم الجميع معروفة للجميع والكل يبحث عن الحل كي يكون جسم الكنيسة سليما معافى ويشعر الجميع بأن لهم حقوقا وواجبات وينطلق الجميع لبناء الملكوت من هذه الأرض بانسجام ووحدة ويكون كل واحد يكمل أخاه الآخر ويكون الله حاضرا فيما بينهم وفي هذه الحالة سيصبحون قديسين ومؤهلين لتقديم الخدمة بأمانة والتضحية وحمل الصليب مهما كان ثقيلا دون تذمر أو خوف، وسيكون الجميع كاملين لأن المسيح قال لهم : “كونوا كاملين كما أن أباكم السماوي كامل”، وهذا لا يعني مطلقا ابتعادنا عن العالم بل على العكس علينا الاندماج مع العالم أكثر فأكثر كي نستطيع التأثير في العالم ونغيره على ضوء تعاليم الانجيل.
لذلك فكلنا بحاجة للمثابرة والتضرع كيما الرب يعطينا فعلة لحقله وعلينا التمسك بالتوبة والغفران والأمانة ويجب أن تكون هذه سمة للمؤمنين كونهم مختاري الله القدوس هؤلاء الذين يحبون القريب كالنفس ويحبون بلا حدود، لذلك فالعلمانيون والاكليروس كي ينجحوا في أعطاء سر الكنيسة معناه الأصيل، عليهم أن يسلكوا طريق الروح ويبتعدون عن شهوة الجسد ويكونوا باستمرار مقادين من الروح حتى يولدوا ولادة روحية جديدة كأبناء لله الذين يجدون الله في كل إنسان سواء كان فقيرا أو مريضا أو مسجونا أو …
فالنحاول أن نتغلب على الفتور أو الجفاف الروحي الذي يصيبنا كي نصل إلى درجات متقدمة من الشبع الروحي بالصلاة والاشتراك بالفعاليات الكنسية وبمائدة الأسرار حتى نصل إلى النضج الروحي، وعندما لا يكون أبداع في الجماعة يعني أنها جماعة ميتة غير قادرة على الولادة والتجدد، وعلينا الاصغاء جيدا لما يريده الروح منا وعندها سننال قوة ونكون شهداء أمينين في كل الارض ونعمل على تحويل العالم باتجاه طريق الخلاص وعلينا أن نبحث عن المسيح في كل مكان كي نخدمه ونعبده ونشهد له ونعمل حسب مشيئته ولكي نبقى إلى الابد أي يكون لنا الحياة الابدية وهذا يتم بأن نكون منتبهين يقضين لا ندع للشرير مكانا فيما بيننا ونحفظ ذواتنا كي ينتصر المسيح من خلالنا ويغلب العالم ويخلص ويكون له رجاء وإيمان مفعم بالنشاط والحيوية، فكي نصل إلى كل هذا نحن بحاجة للحوار داخل الكنيسة وإيجاد الحلول لكل المشاكل التي تعترض إيماننا وتعترض تقدم الكنيسة، وستبقى الكنيسة بأساس صخري متين لا يتزعزع طالما أن الروح يجد شبابيك قلوبنا مفتوحة كي يدخل ويعدل كل اعوجاج قد يحصل نتيجة صعوبات الحياة ومشاغلها، وإن عمل الروح بحرية ستكون كنيسة المسيح مزدهرة وأمينة على رسالة الخلاص التي أعطانا أياها يسوع بعمله الفدائي
لقاء المرأتين – الاب بولص منكانا
مقدمة
أُقدِّمُ لقرّاء مجلة “نور المشرق” الكرام هذه الأفكار والتأملات الواردة في هذا المقال، الذي أرغبه أنْ يكون أيضاً تهيئةً روحيةَ للحدث الكبير المقبل والذي ستحتفل به الكنيسة جمعاء في ارجاء المعمورة ألا وهو حدث ميلاد الرب يسوع مخلصاً للعالم أجمع. أملي بمولود طفل المغارة كبير بأن يحل في هذا العيد سلامه وبركته على جميعنا وعلى العالم.
يسرد لنا الإنجيلي لوقا في روايته قصة زيارة مريم العذراء وهي حبلى بإبنِ الله، لنسيبتها إليصابات، وذلك في منتصف الفصل الأول من إنجيله، أي بالتحديد الآيات 39-45 تخص هذه الزيارة ولقاء المرأتين والذي حدث بينهما من حديث وردود فعل كل منهما. يستهل المقال بدراسة سريعة لسياق نص الرواية الإنجيلية. يتبعه بعض الأفكار اللاهوتية والروحية، والتي بضني مخفية في سطور هذه القصة المُشوّقة.
سياق النص
خلافاً للإنجيلي، القديس متى، الذي يبدأ روايته الإنجيلية المُشوّقة، بسرد تفصيلي لنسب يسوع التأريخي، راجعا إلى الوراء بكثير من الزمن. يؤطر كاتب الإنجيل قصته بتأريخ طويل، أي بالتحديد يرجع إلى الوراء 42 جيلاً، مبتدأ من شخص إبراهيم ومنتهياً بيعقوب أب مار يوسف البتول. يعتبر القديس متى يسوع ابن داود فأبن إبراهيم إلى أن يصل إلى يعقوب، والد مار يوسف، خطيب مريم العذراء، التي منها ولد يسوع المدعو المسيح (متى 1: 1-16). بعد هذا السرد التأريخي يقص لنا مؤلف الإنجيل رواية ميلاد يسوع (متى 1: 18-25)، ثم زيارة المجوس في بداية الفصل الثاني (متى 2: 1-12) فحدث الهرب إلى مصر (متى 11: 13-23).
لوقا الإنجيلي، من جهة أخرى، يضع نسب يسوع في روايته فيما بعد، أي في نهاية الفصل الثالث (لوقا 3: 23-38). ويبدأ من يوسف إلى أن ينتهي بآدم. يعتبر مؤلف الإنجيل يسوع أولاً ابن يوسف فأبن آدم وأخيراً ابن الله. سؤال يطرح نفسه بنفسه لماذا يا ترى ينفرد لوقا من بين الأناجيل الأخرى بذكر رواية الزيارة هذه في إنجيله معطياً إياها أهمية كبرى؟ ماذا كان يقصد بسرد هذه القصة؟ يحاول المقال الإيجابة على هاذين التساؤلين.
بعد دراسة السياق التي وردتْ فيه ذكر هذه القصة في إنجيل لوقا، التي تأتي تقريباً في منتصف الفصل الأول من الكتاب. هذا يعني بأن الكاتب يولي أهمية كبيرة لها سواءً من الناحية التأريخية ومن الناحية اللاهوتية وبالتالي الروحية أيضاً، بدليل أن وضعها في منتصف الفصل الأول من روايته. فما هو يا ترى البعد اللاهوتي-الروحي لهذه القصة؟
البعد اللاهوتي-الروحي للزيارة
المعنى اللاهوتي-الروحي خلف هذه الرواية المشوقة لزيارة مريم لنسيبتها إليصابات، أي كما سُميت “لقاء المرأتين”، يكُنُّ بالتأكيد في الكلمات التي لفضتها إليصابات بترحيبها لمريم في بيتها. وفي الحقيقة في الكلمات التي بها سلَّم الملاك جبرائيل مريم العذراء مبشراً إياها بالحبل الإلهي، أي “لأنّه لا شيء يُعجِزُ الله”. إذنْ بإمكان المرأة الأولى(مريم العذراء) وهي حامل بأبنِ الله أن تُسافر كل هذه المسافة الطويلة، يدفعها شوقُ عارم ورغبةُ شديدة أنْ ترى بأم عينيها حمل نسيبتها وما قاله الملاك لها بهذا الخصوص، ترغب أن ترى هذا الحمل وكيف العاقرة الطاعنة في السن هي حبلى بإبنٍ في شيخوختها. من ناحية أخرى، يدفع مريم حنينها لمساعدة تلك الطاعنة في السن وكم هي بحاجة للمساعدة في الأمور البيتية المضنية لها وهي في هذه المرحلة من عمرها. فمريم تشعر كم نسيبتها هي بحاجة إليها ولهذا السبب تجِدُّ مسرعةً لإسعافها بدون أن تبالي بتعب وبخطر الطريق. نستطيع أن نستشف البعد الإنساني والشعور العميق بحاجة الآخر من قبل مريم العذراء تجاه إليصابات، غير متناسين قط ما كان يحف من مخاطر الطريق الطويل والمضني من أورشليم إلى مدينة عين كارم الجبلية والبعيدة كثيرا عن القدس .
من ناحية أخرى، الإنجيلي لوقا يريد بأن يؤكِّدَ على نقطة جوهرية في هذه القصة ألا وهي الناحية اللاهوتية-الروحية في الرواية: ما يريد تأكيده هو بأنَّ لا شيءٍ يُعجزُ الله. في كلمات الملاك جبرائيل، المرسل مِن قِبلِ الله إلى مريم العذراء، وسبق أن أكّدَها لزكريا، الذي بشَّره بميلاد يوحنا من إمرأته إليصابات العاقر والطاعنة في السن. يؤكِّد الملاك هنا بأن نور الله يسطعُ في كل حوادث لوقا الإنجيلي: في قصة ميلاد يسوع، الميلاد البتولي من مريم العذراء، في قصة ميلاد يوحنا من المرأة المسنة والعاقر في عين الوقت ومن زكريا أيضاً الطاعن في السن. بشارة الملاك تؤكِّد مرة أخرى وللأجيال القدمة بأنَّ الله قادرُ على كلِّ شيء. والملاك يُعلنُ بأنَّ الله قادرُ على أنْ يتغلّبَ على معوقات أو حواجز الأمومة الطبيعية، من ضِمنها العقر أي عدم خصوبة إليصابات، ومِنْ بتولية مريم العذراء. هذه الحقيقة الواردة مراراً في قصص الكتاب المقدس، وبالأخص في العهد القديم (تكوين 18: 14، وإرميا 32: 17).
أما إليصابات فقصتها توازي قصة رفقة العاقر، إمرأة أبينا إسحق، والتي على الرغم من عقرها حملتْ بتؤمٍ (عيسو ويعقوب). ففي إليصابت التي تختبر بأن يسوع على الرغم من كونه أصغرُ عمراً من يوحنا فأنّه سيكون أعظم منه. وسلام إليصابات لمريم أيضاً يرجع إلى عهدِ الآباء الأولين في العهد القديم. فكلماتها تعكس كلمات ياعيل، إمرأة حابر القيني (راجع قضاة 25: 24)، ويهوديت (يهوديت 13: 18).
تلك النسوة كنَّ قد بوركنَ من قبل الله لإيمانهنَّ وشجاعتهنَّ. فمريم كما تذكر إليصابات في سلامها تتبع خطوات سابقاتها، ولكن في حالتها الأعداء تتهشم والنصر سيكون عظيماً، لأنَّها ستحمل المخلِّص الذي يُحطِّمُ رأس الخطيئة والموت ويضع مكايدَ الشيطان تحت أقدامه (تكوين 3: 15، 1 يوحنا 3: 8). تذهب إليصابات إلى أبعد من ذلك مسمية مريم: “أمُ ربِّي”، فهذا اللقب يكشف سرين أساسيين: يسوع كإله ومريم كأمِ الله. هذا ما ارادتْ إليصابات أنْ تكشفه للأجيال القادمة حينما سلَّلمتْ على مريم بذاك السّلام النابع من صميم إيمانها وقناعتها بأنّ التي قامت بزيارتها ما هي إلا مريم التي آمَنَتْ هي أيضاً بكلام الله لتصبِحَ أمَّ الله وأم كل البشرية. هذا ما قامتْ بإعلانِه الكنيسة الأولى منذ القرون المبكرة للمسيحية، أي في المجمع المسكوني الثاني في مدينة أفسس من سنة 431م، معرفَّة للعالم علاقة مريم الوحيدة بالمسيح وأكرمَتْها بلقب “ثيؤتوكوس” “أُمِ الله”، وهذا ما أثبتته الكنيسة أيضاً في المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني في سنة 1964 (راجع نور الأمم، 53).
نحن والكنيسة – عبد الله النوفلي
نعم فإن كنيسة المسيح على الارض هي العلامة المادية والمنظورة لتجسد ربنا يسوع المسيح التي بقيت معنا منذ صعوده له المجد إلى يومنا هذا وهكذا سوف تبقى وتستمر إلى انقضاء العالم كما وعدنا هو بذلك، وهي التي تجعلنا ننظر إليها بأنها علامة تجسد الله معنا وتذكرنا من خلال الطقوس والممارسات الليتورجية والرموز بأن الله هو معنا وينتظرنا أن ندخل بيته ونتكلم ونعيش حياتنا الروحية بعيدا عن الماديات القاتلة التي تقود المؤمنين بها إلى اليأس أو التصرف كآلات جامدة دون تفكير خاصة وإن العالم المادي يريد بأن يكون الانسان منتجا دوما وينبذه فور فقده لقدراته ليبقى يعيش على الهامش. بينما المسيح ومن خلال الكنيسة والتعاليم التي وردتنا في الانجيل المقدس يطلب منا الاهتمام بالمهمشين والمهملين الذين يعتبرهم أخوته الصغار وإن فعلنا شيئا معهم كأننا فعلناه معه شخصيا. والاستمرار بالسير خلف هكذا تعاليم يعني أن الله هو معنا باستمرار ويعني أن الكنيسة حية فينا وبنا ونحن نجعلها تعيش في قلب العالم وليست معزولة عنه أبدا.
وليس هذا فقط لكننا بقيامنا بالتطبيق العملي لما قام به يسوع من أفعال فذلك يعني أننا نقوم بها وننبذ التكبر والتعالي على الآخرين أي أننا نتواضع بمحبة تماما كما فعل ربنا له المجد مع تلاميذه في مأدبة العشاء الأخير، ونكون على فكر وتعليم المسيح يسوع ويعني أيضا أننا قد تخلينا عن كل ما هو لنا ومن ضمنها تفكيرنا وندخل بفكر ربنا كي ننسجم معه ونغذي مسيرتنا الشخصية من فكره، ومن هو مازال متخلفا عن الوصول لهذا المستوى عليه أن يضع جل تصرفاته وتفكيره بوضوح أمامه كي يقوم بعملية المراجعة ونقد الذات وفحص الضمير ونقارن ما نحن عليه مع ما يجب أن يكون لو أصبحنا كيسوع في الفكر وتطبيقه كي يصبح حقيقة أن الكلمة قد تجسد وحلّ فينا ويرى الناس أفعالنا ويرون مجد الآب من خلالنا الذي هو مجد وحيده يسوع المسيح.
وكي نجسد الله ويسوع المسيح من خلال الكنيسة ونكون نحن بحقيقة تلاميذ أوفياء لذلك الذي ضحى بكل شيء من أجل فدائنا علينا يستوجب أن نراجع كل كلمة وفعل نطق به أو قام به معلمنا الإلهي، فمثلا نقرأ في الموعظة على الجبل قوله لأنقياء القلوب أنهم سينالون الطوبى لأن القلب هو مركز الانسان وبدون أن يكون القلب نقيا لا يمكننا أن نرى الله ولا أن نرى أفعال الله وعلاماته ونكون كمن له عينان تبصران ولا تبصران وأذنان سامعتان ولا تسمعان!!! لأننا سنرى كل شيء لكن الله لن نراه بل سنرى صورتنا الشخصية التي نحن رسمناها لأنفسنا ونرى الله الذي نريده وليس الإله الحقيقي كوننا سنكون منشغلين بأنفسنا ونبتعد عن المسيح الذي هو قد أخبرنا عن الآب وكشف مشروعه الإلهي للإنسان وعن ملكوته السماوي لأن يسوع هو صورة الآب ومن رأى الابن فقد رأى الآب، ويسوع قد أحبنا لذلك علينا أن ننظر إليه ونبادله الحب بالحب وأن نعرفه حقيقة وتكون علاقتنا معه حقيقية وقوية خاصة هو دائما واقفا على الباب يقرع وينتظرنا نسمح له كي يدخل، فربنا هو المبادر دائما وهو الذي يريد أن يمكث معنا ويريدنا ان نراه وأن نتبعه ونكون كزكا الذي تسلق الشجرة وعبّر بصدق عن توقه لرؤية يسوع تلك الرؤية التي غيرت حياته. واليوم ونحن قد دخلنا الألفية الثالثة للمسيح فنحن بحاجة ماسة كي نراه ونعيش الاختبار الحقيقي كي نحن أيضا نتغير ونمزق كل التشوهات التي تحيق بنا من التعلقات بالماديات وتتخدش صورة الله بالخطيئة التي نعيشها، ولا يحدث ذلك إلا إذا أخلينا ذاتنا ونقول مع مريم أمنا : ها أنذا أمة الرب ليكن لي كقولك ولا يهمنا شيء طالما نعيش في المسيح ومع المسيح لأن صورتنا ستجدد ونعود أحرارا كأبناء الله كيف لا وأن عمانوئيل يعيش معنا بتواضع. وأصبحت أجسادنا هياكل له ولروحه القدوس ولنكن نحن المتعبين الذين ناداهم يوما قائلا: “تعالوا إليَّ ايها المتعبون والمثقلوا الأحمال وتعلّموا منّي فأنا وديع متواضع القلب تجدوا الراحة لنفوسكم”.
وأول ما نجسده بهكذا علاقة وتطبيق لهذه الافكار هو أن نعيشها مع أنفسنا وفي كنيستنا أي المجتمع المؤمن المحيط بنا، لأن المثل يقول: الاناء ينضح مما فيه ومن يحمل مباديء إيمانية رفيعة منبعها المسيح عليه أن يعيشها مع نفسه أولا ومن ثم مع المحيطين به كي يكون بحق تلميذا حقيقيا للمسيح الذي لا يمكنه أن يضطهد المؤمنين بالمسيح أبدا ولا حتى أن يقول لأخيه راقا، لذلك فمن العجب أن نجد اليوم من يكون مثلا بالمباديء ومعلما لغيره لكنه لنفسه وبنفسه بعيد كل البعد عما يريده ربنا له المجد، يكون في الكنيسة وهو ليس في الكنيسة ويكون مع المسيح وهو ليس في المسيح يتكلم بالباطل أو بما لا يليق بتلاميذ المسيح ويصبح حجر عثرة لمن يراقبه ويعيش معه ويكونون كالحملان من الخارج لكن من الداحل هم ذئاب خاطفة، وهو بكل أسف ما نجده عند الكثيرين الذين يضعون أحملا ثقيلة على أكتاف المؤمنين وهم لا يبادرون على حمل حتى ولو حمل بسيط، وبذلك يتحملون وزر الكلام الذي وجهه ربنا إلى الكتبة والفريسيين الذين وعدهم بالويل.
فمن منا يرغب أن يناله مثل هذا الويل؟ ألسنا بأجمعنا نريد الفوز يوما بالنعمة وبالملكوت؟ وإن كنا كذلك فما علينا سوى أن ننزع عنا إنساننا العتيق ونشرب من الخمر الجديدة التي هي خمر الحياة ونجسد بحياتنا وبكنيستنا إرادة يسوع ونكمل مسير جلجلته بما نقدمه لغيرنا من أعمال الرحمة والتضحية كي نكون يوما مؤهلين لدعوته المباركة حين قال أيها العبد المؤمن كنت أمينا في القليل ستكون أمينا على الكثير وعندها فقط سنجسد الإيمان بالأفعال ونعيش الملكوت من يومنا هذا وستزدهر كنيستنا بنا وستفرح الملائكة. هي دعوة لمراجعة الذات وإلى التواضع كي تبقى الكنيسة التي أسسها يسوع متجسدة فينا وتجسد المسيح في قلب العالم.
الشهادة الأولى لقيامة الرّبّ
مقدمة
تتفق الأناجيل الإزائية الثلاثة (مرقس ومتّى ولوقا) مع إنجيل يوحنا، على ذكر بعض النسوة، اللاواتي كنَّ يتبعنَ يسوع عَنْ بُعدٍ في طريق آلالامه، في طرقات أورشليم، وهو صاعدٌ إلى جبل الجلجلة، حاملاً صليبه الثقيل ليُصلَبَ هناك. وكما يرد ذكرُ النسوة في إحدى مراحل دربِ الصليب، أي في المرحلة الثامنة، والتي تأملنا بهم في جُمَعِ أحدات الصوم الكبير، بأنّ يسوع إلتقى بعض النسوة أثناء صعوده حيث موضع الصلب. إلاَّ أنّ القديس مرقس والقديس متّى في إنجيليهما، يذكران فقط بأنَّ مريم المجدلية وحدّها، مع أم يعقوب، المدعوة أيضاً مريم، هما اللتين تبعْنَ يسوع واللتين إشترينَ الطيب وذَهَبنَ إلى القبر ليطيبنَّ جَسَدَ يسوع، كما كانتْ العادة الجارية آنذاك في التقليد اليهودي للدفن، أي بعدَ اليوم الثالث، والذي كانَ يُصادف فجر الأحد. أمّا الإنجيلي لوقا، في روايته، من جانبٍ آخر، لا يذكر أسماء النسوة اللاواتي كنَ يتبعنَ يسوع، كما أنّه أيضاً لا يذكر تفاصيل الأحداث، وإنما يكتفي بالذكرِ بأنَّ نسوة أتينَ من الجليل وكنَّ يتبعنَ يسوع معَ رجلٍ اسمه يوسف الرامي، فأبصَرْنَ حيث وضع جَسَدَ يسوع في قبرٍ جديد (لو 23: 55). أمَّا يوحنا الإنجيلي من جانبه، فيذكر مع بعض التفاصيل، بأنَّ يوسف الرامي معَ نيقاديموس أخذا جسدَ يسوع وبعدَ تحنيطِه ووَضعِ المُر عليه وضعاه في قبر جديد (يو 19: 38-42). يقتصر حديث هذا المقال على رواية القيامة الواردة في الفصل العشرين من إنجيل يوحنا.
شهادة مريم المجدلية لقيامة الرّبّ
كاتبِ الإنجيل الرابع، يوحنا الرسول، أحد أصغر تلاميذ يسوع سِناً، والذي كان المعلم يُحبُّه كثيراً لصغرِ سِنهِ، يورد بأنَّ مريم المجدلية وحدها فقط ذَهَبَتْ إلى القبر في فَجْرِ يوم الأحد والظلام لمْ يزل مخيماً (يو 20: 1). وحَسَبَ يوحنا أيضاً، لمْ تَكن مريم المَجدَلية قدْ ذَهَبَتْ إلى القَبرِ لتُطيبَ جَسَدَ يسوع، لأَنّ ذلك كان قد أجراه يوسف الرامي الوارد ذكره سابقاً. بل ذَهابها إلى القبر كانَ له أسباب أخرى غير ذلك: أولاً، حُبَّها للمعلِّم، الذي غفر لها خطاياها الكثيرة، بأنْ أخرجَ مِنها سبعة شياطين؛ وثانياً، شوقها لرؤيته حياً؛ ويقينها بأنّه سيقوم في اليوم الثالث، كما كان قدْ وعد تلاميذه مراراً. في الحقيقة، أكثر من ثلاث مراتٍ في الأناجيل الثلاثة الإزائية. وثالثاً، هناكَ سببُ آخر كان يجولُ في خاطرها، ألا وهو شكرها للمعلِّم، الذي أعاد لها كرامتها الإنسانية، بأن أدخلها من جديد في عائلة الآب السماوي. فكل تلك الأسباب، جعَلَتْ منْ هذه المرأة الجريئة، والتلميذة الحقيقية ليسوع، التي تَرَكتْ ماضيها السابق، وأصبحتْ تتبعْ يسوع بقناعةٍ وإيمانٍ ثابتين. ذلك الإيمان وتلك القناعة، وضعا في قلبها الشوق لرؤية المعلِّم، غافر خطاياها، والتي جعلت منها رسولة لمحبة ولغفران الرّبّ لها. الإنجيلي يوحنا، من ناحية أخرى، يجعل من مريم المجدلية، الشاهدة والرسولة الأولى لقيامة الرّبّ: فهي الأولى التي شاهدتْ الحجر قد دُحْرِجَ وأُزيل من القبر. ذلك وضع في قلبها الجرأة والشجاعة لتسرعَ وتذهَبَ إلى سمعان بطرسَ وإلى التلميذ الآخر الذي أحَبَّه يسوع. وهي الذي ألهَمَتْ التلميذين المذكورين، وأعطتْ لهما الجرأة بأن يُسرعانْ ويذهبانْ إلى القبر لرؤية ما الذي حدث بالضبط (يو 20: 3). وبهذه القوة والشجاعة، صارتْ الشاهدة والمبشرة الأولى بقيامة الرّبّ للتلاميذ الأوائل، وبالأخص للتلميذين المذكورين. محبة وشوق مريم المجدلية في رؤية يسوع مُعَلِّمها، من ناحية، وخوفها بأن جَسَدَ الرّبّ قد سُرِقَ، من ناحية أخرى، جَعلا الرسولان أنْ يجرِيا بالركض مسرعين إلى القبر. وفي الحقيقة، هي التي أضحتْ سبب للتلميذين أنْ يؤمنان بقيامة يسوع، بعدَ رؤية اللفائف ممدودةً والمنديل موضوعاً على شِكلِ طَوقٍ في مكانٍ آخر. فما أنْ رأيا ذلك فوصلا إلى القناعة الثابتة بأنَّ الرّب قد قام. فيكتب يوحنا: “فرأى وآمَنَ” (يو 20: 8).
ترأي يسوع لمريم المجدلية
كاتب رواية الإنجيل الرابع، القديس يوحنا، لمْ يقتصر على ذِكرِ بأنَّ مريم المجدلية التي ذّهَبَتْ وَحْدَها إلى القبر، وَحْدَها التي رأتْ الحجرَ قد دُحْرِجَ، وَحْدَها التي بَشَرَتْ بُطرسَ ويوحنا، وَحْدَها التي أصبَحَتْ فيما بعد الرسولة والشاهدة الأولى لقيامة الرّبّ، بَلْ ويَجْعَلَ مِنها الأولى التي حَظِيتْ بترأي أول ليسوع لها بعد قيامته. ففي الآيات (11-18)، من ذات الفصل، يخص المؤلف بِذِكرِ هذا الظهور الأول ليسوع من بعدِ قيامته ببعضِ من التفاصيل. يجعلُ كاتب الإنجيل الرابع من مريم المجدلية المرأة الأولى التي تقف عند مدخلِ القبر وهي تبكي. وهي وَحْدَها ترى الملاكين في ثيابٍ بيضِ، جالسين حيث وضع جسدَ يسوع. الرواية هذه تذكر بأن مريم المجدلية لَمْ تعُد بعدُ خائفة ومرتعدة، بعدما دُحْرِجَ الحجر من القبر، ولمْ تتوقف عند هذا الحد، بلْ ذَهَبَتْ مسرعةً وبشَّرَتْ بطرس ويوحنا بخبر دحرجة الحجر. وكل ضَنِّها بأن أناساً أتوا، ربما في الليل، وسرقوا جسد يسوع. فمرة أخرى، تأتي إلى القبر ولكن هذه المرة أيضاً بوحدها لا يوقفها شيىء، بل كلها ثقة بأنها سترى الرّبّ. هذا ما حدى بها أنْ تسأل الملاكين الجالسين عند الرأسِ والقدمين عن مكان وجود يسوع. وفيما هي تفكر بذلك، كما يروي الكاتب، إذ التفتت إلى الوراء، فرأتْ يسوع واقفاً، ولكنها لم تَعلم أنه كانَ يسوع بنفسه الذي يتحدثُ إليها (يو 20: 14-15). فكما سألتْ مِنْ قبل الملاكين، هنا يسوع بنفسه يسألها ذات السؤال: “لماذا تبكين، أيتها المرأة، وعمَّنْ تبحثين؟” (الآية 15). يورد المُؤلف بأنَّ مريم لمْ تَعرِفه، بل ضَنَّتْ أنه البستاني، إلا أنْ سَمَعَتْ اسمها يلفظه كما كانتْ قَدْ تَعَوَّدَتْ عليه، عندما غفر لها خطاياها الكثيرة، فحينئذ عرفته والتفتت إليه ودَعَته “رابّوني”، أي يا مُعلِّم، اللقب التي كانت تدعو به مُعَلِّمها سابقاً. هنا أيضاً، مرةً أخرى، تُصبحُ مريم الشاهدة الأولى لترأي يسوع من بعدِ قيامته من بين الأموات. فيسوع بدوره يُرسِلها إلى التلاميذ لتُبشرهم بالخبر السار بأنه حيٌ. فهذا كله دليلُ وبرهانٌ قاطع بأنَّ مريم المجدلية أصْبَحَتْ الشاهدة الحية التي عاينت الرّبّ وهو قائمٌ من القبر والمبشرة الأولى للتلميذين بهذا الخبر السار، أي بقيامة الرّبّ يسوع وبظهوره لها عند مدخل القبر. .
هل يخلص الشيطان
مقدمة
كثيراً ما تراودنا كمسيحين مؤمنين تساؤلات قد تهدد صفاء العلاقة الروحانية التي تربطنا بابونا السماوي، او قد نُسأل من قبل سائل اسئلة تزعزع إيماننا و تضعف وتيرة صفائنا الروحي. ولكن كمسيحين و كمؤمنين حقيقين علينا ان نثق بحقيقة الكتاب المقدس اولاً وان نُؤمن بانه هو(ال) كتاب، اي كلام الله يكتب من قبل كُتاب مختلفين ، و متفاوتين في العصور و الثقافات . وان اي اجابة لأي سؤال يتعلق بالعقيدة المسيحية ، يصدر اولا من الكتاب المقدس.
لماذا قدم الله الخلاص لآدم وذريتهُ و ليس لإبليس؟؟ الم يكسر ادم وصية الله ، فيكف يميز الله العادل بين مخلوقاته.؟؟ يُبين هذا السؤال عن قلة معرفة السائل في بدائيات الكتاب المقدس، و نحن كمسيحين ان أردنا ان نقدم إجابة وافية لهذا السؤال ، فيجب ان تكون الإجابة مستندة على الكتاب المقدس كلياً. اولا، يجب علينا معرفة من أين أتى الشيطان، راجع حزقيال( أصحاح ٢٨ و أية ١٤) ستجد ان الخطية انبثقت من قلب الشيطان حين تعالى في قلبه على الله و أهدر حكمتهُ في سبيل ذاته، فيعاقبه الله بان يطرحهُ أرضاً و يخرج ناراً من داخلهِ لتهلكه وتعدمه من الوجود. اما بالنسبة لآدم و حواء فلم تنبع الخطية من داخلهما ولكن الخطية كانت دخيلة عليهما ، حين حثت الحية حواء على أكل الثمرة و أغوتها بانها ستصبح مثل الله. راجع تكوين (أصحاح ٣ وآيات ٣-١٠).).
ثانيا ان كل نبؤات الكتاب المقدس تدل على هلاك الشيطان في حفرة الجحيم. و إليك عزيزي القاري بعض الآيات على سبيل المثال لا الحصر . رؤية أصحاح ٢٠ أية ١٠ ” وإبليس الذي كان يظلهم ، قد طُرح في بحيرة النار و الكبريت حيث الوحش و النبي الكذاب، وسيُعذبون نهارا و ليلا الى أبد الآبدين”. وايضاً راجع رؤية أصحاح ١٢ وآيات ٧- ١٠، يروي فيها يوحنا الحبيب منظر الحرب التي ستقوم بين ميخائيل رئيس الملائكة و التنين ( الشيطان) وتنتصر قوى الخير على الشر و يطَرح ابليس خارجا و يُعلن فداء الله للعالم . راجع متى أصحاح (٢٥ وآية ٤١) كيف ان الرب يسوع ينتهر الجالسين على يساره ويرسلهم الى النار الأبدية المتقدة لإبليس و أعوانه. وأخيرا ، هذا المقال هو دعوة لنا لنتمسك بالكتاب المقدس و نبني علاقتنا مع الاب السماوي بناء ذو أساس ثابت لا يتزعزع مهما كانت طبيعة الاسئلة الموجهة لنا وكما يوصينا بطرس الرسول في رسالته الاولى أصحاح ٣ و أية ١٥ (“بل قدسوا الرب الإله في قلوبكم مستعدين دائماً لمجاوبة كل من يسألكم عن سبب الرجاء الذي فيكم بوداعة وخوف”
Tattoo الوشم
توني شمعون
Would you put a bumper sticker on your LAMBORGHINI ?
It is an unusual question to be asked in a such a thread, and the answer may vary from one to another. Some of us may think of the value of the car before putting the sticker on , where others may have their concern focused on their freedom to say what they like even if it will affect the value of the precious vehicle. There is a correlation relationship between a bumper sticker on a precious car, and a tattoo on any part of our bodies. Many young catholic believers especially (Chaldeans) after migrating from eastern countries have accepted the concept of having a tattoo on their bodies , it makes me as a catholic young person wonder, what is the position of the bible and the Catholic Church regarding this matter. In this article I will stretch the position of the bible on “tattoos” by pinpointing some biblical verses accompanied by ( catholic commentary) as well as explaining the opinion of the church regarding “tattoos”
Biblically speaking, (Leviticus 19-28) clearly states that “28’You shall not make any cuts in your body for the dead nor make any tattoo marks on yourselves: I am the LORD.” It may appear to us that this verse may need NO further explanation, as it demand us to not draw any tattoos on our body. However we can not take the word of god literally, as the book warned us, ” the letter kills, but the spirit gives life” ( 2 Corinthians 3-6). According to catholic explanation to the verse in (lev. 19-28) It differentiate between the ritual law and the moral laws, and it considers (Lev.19-28) outdated. (Lev.19/28) commands the people of Israel to not be like the pagans people around them. There are some verses in the same chapter that we find it hard to follow in our modern days, I.e. (Lev.19/19) ““‘Do not wear clothing woven of two kinds of material.”. We are now living in the new covenant with god, where we are freed from the law and instead we are given the grace of god. Moreover, other Old Testament laws have been regarded as outdated, a clear example would be the law of circumcision, refer to (acts 15).
Furthermore , the Catholic Church does not have an official doctrine to condemn tattoo, because our Catholic Church is a universal church, and the concept of tattoo art, may vary from one culture to another, therefore, the Catholic Church is obliged to accept all cultural differences, however, the Catholic Church condemns any sexually provoking, satanic or unpleasant tattoo and regards it as a sin. Having said that, it is however acceptable ( not preferred )to have a tattoo that may glorify the name of god and preach the catholic faith, like a tattoo of a cross,an image of the Virgin Mary..etc. In conclusion, before we answer the question above, dear readers, I urge you to evaluate your precious bodies before deciding to draw a tattoo, as St. Paul reminds us in (1 Corinthians 6/19-20) “”Do you not know that your body is a temple of the Holy Spirit, who is in you, whom you have received from God? You are not your own; 20 you were bought at a price. Therefore honor God with your body,”. The body you possess now is not yours to keep, and the images you may think to draw on your body to glorify god with May god underground as the will, what glory can you bring to god then..?
Now, will you put a sticker on your precious LAMBROGHINI. !!?
من قاتل الى منقذ – توني شمعون
يطرح عنوان هَذِهِ المقالة تساؤلات كثيرة تطرى على ذهن القارى في الوهلة الأولى من قراءة العنوان، فيكف يتحول المرى من قاتل الى منقذ وما مقدار هذه القوة التي تغير المجرم الى مخلص. هَذِهِ أسئلة منطقية و عقلانية و سيتم الإجابة على هَذِهِ التساؤلات من وحي الكتاب المقدس المملؤ بأمثلة عدة تتناول هذا الصدد. ولنعطي صورة أولية على التغير الجذري الذي يطرأ على حياة الانسان بالتأثر بهذهِ القوة العظيمة، نأخذ قصة (دعوة موسى)على سبيل المثال لا الحصر. يروي لنا سفر الخروج في اصحاحاته الخمسة الاولى كيف أنقذ الله موسى منذ ان كان رضيعا و كيف وضعتهُ أمه في نهر النيل خشيتاً عليه من ان تطولهُ أيادي جنود فرعون. وكيف تبعتهُ اخته الكبرى مريم الى ان وصلت السلة التي وضعَ فيها موسى الى قصر الفرعون، حيث رأتهُ ابنة فرعون فتحنن قلبها عليه فأخذته برعايتها. (راجع خروج الإصحاح الثاني) توضح لنا هَذِهِ البداية كيف ان الله وضع يدهُ لحماية موسى من القتل وكيف انه يرسم لحياة موسى مسارا ليجعل من موسى إنساناً قويا يتركُ بصمته في صفحة المنتصرين. يسترسل سفر الخروج ليروي كيف ان موسى حاول الدفاع عن ابناءِ جلدته و تخليصهم من أيدي الفراعنة المستعبدين، وكيف قتل الجندي المصري دفاعاً عن العبد العباراني وكيف هرب من مصر بحثا عن مأوا يلوذُ اليه ، وكيف تحول من شخصية مهمة في الحاشية الملكية الى راعي قطيع لحميه يثرون. فشتان ما بين الترف الذي كان يعيشهُ موسى في القصر وبين حياة البري التي يعيشها في مديان.( خروج ٢).
وفي حالة البؤس التي كان يعيشها موسى بعيدا عن مصر وعن عائلته ، اختاره الله لينقذ شعب اسرائيل من نير العبودية و يعبر بهم الى ارض الميعاد الارض التي تفيضُ لبناً و عسلاً. هكذا هو يهوا الكتاب المقدس، يختار الانسان الأكثر انكسارا الأقل خبرة و الأقل قوة و شجاعة كموسى، جدعون و داؤود، ليصنع فيه اعظم الاعمال، وليغير مسار التاريخ. وهذه شهادة على عظمة هذا الاله الأزلي الكائن قبل كل الدهور. يروي الإصحاحين الثالث و الرابع من سفر الخروج واقعة العليقة المتقدة بالنار و المحادثة التي جرت بينه وبين الله، بدأها الله بالطلب المباشر “فألان هلم فارسلك الى فرعون، وتخرج شعبي بني اسرائيل من مصر”( خروج ٣-١٠) والملفت للنظر ان الله لا يأمر موسى ولكن يطلب منه ان يذهب الى فرعون. فالإنسان خلق بإرادة ذاتية، وهو مخير بان يقبل او يرفض اي شئ يطلب منهُ. فكانت اول اعتراضات موسى “فقال موسى الله، من أنا حتى أُخرج بني اسرائيل من مصر.” (خروج ٣-١١). وهذا يُبين عدم معرفة موسى لذاته اولاً و عدم معرفته للاههِ الذي يرسله، فهذا يا أحبائي ينطبق علينا كبشر، فكم من مرة نحد أنفسنا من تحقيق أهدافنا و طموحاتنا بمجرد القول من أنا حتى أكون كذا، او حتى افعل كذا….. فأنت في عين نفسك و عين الناس قد تكون صغيرا. ولكن في عين الله انت غالي جداً. فانه يعرفك منذ تكوينك ( أيوب )، و هو حصنكَ المنيع و نصيركَ في الشدةِ و الضيق (مزامير) و الأهم هو انك انت الوحيد الذي تدعوه أبتي، و هو. يدعوك ابني ( الاناجيل) فمهما كانت نضرة المجتمع دونية لشخصك، او ان لم تكن ذات قيمة مرموقة في المجتمع فأنت في نظر الله ابنٌ غالي و هو بذل ذاتهُ من أجلك، لكي تنعم في محبتهِ و خلاصهِ. وان جواب الله لموسى هو خير دليل على ان الله لم ولن يتركك في وقت انت تكون محتاجٌ اليه. ” أني أكون معك” (خروج ٣-١٢)
يعود موسى بتفكيره البشري و عقله المحدود و مخاوفه الغير مبررة، ليعترض ويتهرب من طلب الله غير مبالي لعظمة و قدرة رب الأرباب ، لايسأل “ها أنا أتي لبني اسرائيل وأقول لهم: اله آبائكم أرسلني إليكم ، فإذا قالوا لي ما اسمه، فماذا أقول لهم”(خروج ٣-١٣). ان سؤال موسى عن من هو الله قائم الى يومنا هذا، فكم هم الناس الذين ينفون وجود الله، او اختاروا الهَ عديدة مختلفة بعيدة عن الله بالمعنى و المفهوم، وهناك الأخطر من ذالك، وهم الكثيرين الذي يدعون معرفة الله و لكن حياتهم بعيدة كلياً عنه. هذا النوع من الناس من الصعب ان يجدوا الله، لأنهم يظنون انهم فعلً يعرفون الله، فهم كمثل الدرهم المفقود الذي تكلم به يسوع ( لوقا ١٥-٨)، فمن الملفت للانتباه ان درهم الأرملة قد ضاع داخل البيت وليس خارجه، وهذا حال الكثيرين الذين يأتون للكنيسة ويحضرون القداس و الاجتماعات في الأخويات، ليس للتعرف على المسيح ولكن لأهدافهم الخاصة. وهذه الفئة أيضاً تشمل المتَدينين الذين يواظبون على تطبيق الطقوس و الصلوات بشكل مستمر ولكن يفتقدون تلك العلاقة الإمانية (الروحية)مع الله. يجيب الرب موسى و يعرفه باسمه قالاً ” اهية الذي اهية”**(خروج ٣-١٤) وهذا يدل على ان الله مستعد ان يكشف ذاته لكل من يبحث عنه. يستمر موسى بالتهرب من المهمة، و محاولة المراوغة مع الله لكي يعفيه الله عن هذه المهمة حيث يقول،”ها هم لا يصدقوني ولا يسمعون لقولي ، بل يقولون لم يظهر لك الرب”(خروج ٤-١). يوجد الكثير من حولك سوف لن يصدقوا ما تقول، ولكن كن متيقناً بان الحق لا بد ان ينجلي، وان الله هو الآه الحقيقة “أنا هو الطريق و الحق و الحياة”(يوحنا ١٤-٦). فكل ما عليك فعله أيها المؤمن هو ان تعيش مسيحيتك اولا و ان تبشر بفرح الخلاص الذي هو الإنجيل ثانيا.و للأسف ، يُخطئ بعض المؤمنين بالظن ان التبشير يقتصر على الكهنة و خدام الكنيسة، ولا يدركون ان التبشير يبدأ من قلب البيت، فا كنت أبا او أومأ او ابنا او بنتا عليك ان تبدأ بأهل بيتك، فمن القليل ما نرى العائلة بأكملها حاضرة الى القداس الاهي في يوم الأحد، و قليل من نرى عائلة تلتف حول الكتاب المقدس ولو لمرة بالأسبوع. هذه هي البشارة التي تتوجب عليك يا صديقي المؤمن. ولا تصغي لمن ينعتونك بالكذاب او غريب الأطوار ، لان الشيطان سيستخدم كل الأساليب لمنعك ، ولكن تأكد ان الله معك. وأتى جواب الله حاسماً لموسى حيث المعجزتين الآتي استطاع من خلالها موسى تحويل عصاه الى حية وبرص يد موسى حين وضعها في عبه،هما خير دليل على قدرة الله و عظمته.
أصر موسى على مجاحدة الله و التلوي أمامه لكي يخلص نفسه من ما كلفهُ الله به ، حيث يقول”استمع ايها السيد.لست انا صاحب كلام منذ امس ولا اول من امس ولا من حين كلمت عبدك.بل انا ثقيل الفم واللسان.”( خروج٤-١٠). يُظهر قول موسى اننا نحن البشر سريعين في العثور على نقاط ضعفنا و استخدامها كسبب لتبرير فشلنا، او كشماعة لنعلق عليها أحلامنا الضائعة، متجاهلين ان الله يعرف قدراتنا ، فهو يعطينا ما نستطيع تحمله، ويوفر لنا ما نحتاج اليه لننجح. كل ما علينا فعله كمؤمنين هو سماع صوت الله وفسح المجال لروحهِ القدوس ليعمل فينا. ومثل الوزنات الذي رواهُ يسوع في (متى ٢٥-١٤) خيرُ دليل على ان الله يعرف إمكانيات كل واحد منا.واتى جواب يهوا الحي في صميم مخاوف موسى، ليُميت خوفه ولي زرع محله الثقة و الشجاعة.حيث أكد له انه خالق كل شئ وقادر على عمل كل شي (خروج ٤-١١). وعندما فرغت جعبت موسى من الأعذار و التبريرات، وأيقن ان مخاوفه باتت هباءاً منثورا، أعطى السبب الحقيقي على عدم قبولهِ لهذهِ المهمة المقدس حيث قال بحمقٍ صارم ” استمع ايها السيد.ارسل بيد من ترسل” (خروج ٤-١٣). في أعماق كل منا صوتٌ يدغدغ ذاتنا، يساعدنا على التملص من المسأولية، و يسأل سؤالاً ليدفن ضميرنا الحي، لماذا أنا وليس غيري؟؟؟؟ فهذا السؤال لعبَ دورا كبيرا لافتقار كنيستنا طلاب السيمينير، و تدني واضح و خطير في عدد الكهنة و الراهبات، فان كل منا نحن الشباب حين نسمع صوت الرب يقرع على بابِ قلوبنا فنسأل السوأل ذاته. وتكون الإجابة في ان نسكت صوت الله في داخلنا و نعطي لأنفسنا الحق لسماع ذاتنا لا غير. ولكن كمؤمنين مسيحين علينا اتخاذا امنى العذراء مريم مثالاً في حياتنا نقتدي به و نفعل كما قالت للملاك ” هوذا انا امة الرب.ليكن لي كقولك.فمضى من عندها الملاك”(لوقا ١-٣٨). وحينها أمتعض قلب الله من موسى واحتدَ غضبه عليه، لان موسى لم يقدم اي سبب حقيقي لرفضه للمهمة .
والآن أيها القارى هل تسمع الله يدعوك، هل تريد من الله ان يغير ذاتك، هل تود الإحساس بفرح الخلاص، هل يوجد فراغ في قلبك لا يملأه المال، ولا الصحة ولا العمل ولا الدراسة؟؟؟؟ فان هَذِهِ الآيات البسيطة تدعوك ان تفتح قلبك لله و ان تميل أذنيك لكلامه لكي يدخل الى قلبك ويعم الفرح و السرور في بقية ايام حياتك، لديك الفرصة الان فاغتنمها. وان كان موسى قاتلاً من قبل فبنعمة الرب اصبح قائداً مخلصناً لشعب الله من العبودية الى ارض الميعاد التي تفيضُ لبناً وعسلاً
السقوط – توني شمعون
يطرأ في ذهن بعض المؤمنين المسيحين ان طرد الله لآدم و حواء من جنة عدن هو عقوبة على ما اقترفاهُ من معصية ضد وصية الله، وهذا وان دل ، يدلُ على المعرفة السطحية لهؤلاء الذين يدعون المسيحية، لقشور الكتاب المقدس. في هذا المقال شأُناقش لماذا طرد الله آدم و حواء، وهل كان الطرد بحدِ ذاتهِ عقوبة ام حماية، وان لم يكن الطرد هو العقوبة فما هي العقوبة التي عاقب بها الله آدم وشريكتهُ حواء؟
قبل نقاش الأسئلة المطروحة أعلاه أودّ وان أوضح أني من المؤمنين بوجودية ادام و حواء ، وأنهم فعلاً أشخاص عاشوا في زمن معين و عاشروا الله في جنة عدن الأرضية . ولكن في نفس الوقت لا اتعارض مع من يفسر القصة تفسيراً روحياً ويستخلص الخبرة الروحية من دون ان يتَطرق الى حقيقة القصة او خيالها. وهذا لا ينقص من قيمة الكتاب المقدس بل يعكس جمالية الكتاب الروحية و بساطة كلمة الله التي تلمس قلوب الناس بشكل سلس و مفهوم. ويوجد أمثلة كثيرة في كتابنا المقدس حين يُفسر النص حرفياً و روحياًفي انٍ واحد، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر سفر نشيد الإنشاد و سفر أيوب. ويعود سبب إيماني بوجودية ادم و حواء الى الاستناد للعهد الجديد في رسالة بولس الرسول لأهل رومية أصحاح ٥ أية ١٥. وكذلك اياتٍ اخرى قد تجدها في إنجيل لوقا التي تُرجع نسب يسوع الى ادم، وغيرها من الآيات التي لا يسعني ذكرها هنا.
ان ادم و حواء نالا عقاب ما اقترفا من اثمٍ حين قال الله لحواء في سفر التكوين أصحاح ٣ أية 16 (وقال للمرأة: تكثيرا أكثر أتعاب حبلك، بالوجع تلدين أولادا. وإلى رجلك يكون اشتياقك وهو يسود عليك) وأما عقوبة ادم هي في الآية ١٧ من الإصحاح ذاته حيث يوجه الرب الكلام لآدم قائلاً ( وقال لآدم: لأنك سمعت لقول امرأتك وأكلت من الشجرة التي أوصيتك قائلا: لا تأكل منها، ملعونة الأرض بسببك. بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك 18 وشوكا وحسكا تنبت لك ، وتأكل عشب الحقل 19 بعرق وجهك تأكل خبزا حتى تعود إلى الأرض التي أخذت منها. لأنك تراب، وإلى تراب تعود). هذا ببساطة هو عقاب ادم و حواء ولكن لماذا طردهما الله من جنة عدن…..؟
لمعرفة سبب الطرد يتحتم علينا الرجوع الي الإصحاح الثاني من سفر التكوين، الذي يُبين ان الله لم يضع شجرة معرفة الخير و الشر في جنة عدن وحدها، وإنما وضع أيضاً شجرة الحياة. التي كان مسموحٌ لآدم و حواء الأكل منها لأنهم كانوا ذوي أجساد خالدة خالية من كل اثمٍ و خطيئة. ولكن بعد وقوع الانسان في فخ الخطيئة، لم يسمح الله لخطط ابليس بالنجاح في الاستيلاء على الانسان و رميهُ في الخطيئة. فان ابليس خالد في الخطيئة لانه هو أصل الخطيئة و منبعها ، وأما الانسان الذي هو على صورة الله و مثالهُ لا يمكن ان يفرط به الله ويجعلهُ يأكل من شجرة الحياة الأبدية لِالا يخلد في الخطيئة. فجاء الطرد كحماية و محبة لا كعقاب و مخاصمة، حيث يقول الله في الإصحاح الثالث من سفر التكوين وبالتحديد في أية رقم٢٢ الآتي ( وقال الرب الإله: هوذا الإنسان قد صار كواحد منا عارفا الخير والشر. والآن لعله يمد يده ويأخذ من شجرة الحياة أيضا ويأكل ويحيا إلى الأبد)
ان شجرة الحياة هَذِهِ هي إشارة الى سيدنا و فالدينا يسوع المسيح ، الذي به تعطى الحياة الأبدية وبدمهِ تزول كل خطيئة خفية ام ظاهرة و بصليبه صالح الله مع الناس وارجع علاقة الحب بين الله وبنيه البشر. فألان حان الوقت لانأكل كلنا من شجرة الحياة هذه التي تاق ادم و حواء الوصول اليها ، لنعيش بعيدا عن الخطيئة و الإثم والنخلد في حضرة الله الذي يُحبنا حتى أرسل ابنهُ الوحيد من اجلنا لينال عنا عقاب أثمانا على الصليب لكي ننعم نحن بمجد الله وحضرته …. أمين
فرح الميلاد – الاب بولص منكنا
مقدمة
دفعتني بل بالأحرى ألهمتني قراءة الإرشاد الرسولي الثاني للبابا فرنسيس الأول: “Evangelii Gaudium”أي “فَرَحُ الإنجيل”، الصادر من حاضرة الفاتيكان في 24 من تشرين الثاني 2013، أن أكتب هذا المقال لقراءنا الأعزاء، ونحن على عتبة أبواب ميلاد الرّب يسوع مخلصاً وفاديا للبشرية جمعاء. وَضَعْتُ المقال هذا تحت اسم “فَرَحُ الميلاد” مُقتبساً الفِكرة من الإرشاد الرسولي الآنف الذكر. سنلاحظ في الأسطر القادمة بأنَّ هذا الموضوع مُلفتٌ للنظر جداً، وبالأخص في أغلب الإقتباسات الواردة في الكتاب المقدس بخصوص ميلاد المخلص وكل ما يتعلق بمجيئه، بدءاً من النبوؤات في العهد الأول ومنتهيا بقصص الطفولة الواردة فقط في كلٍ من إنجيلي متي ولوقا، اللذان يركزان وبطريقة مشدَّدة على الفرح. هذا ما يرغب المقال تناوله بإيجاز، بدءاً بالعهد الأول مروراً بالعهد الجديد والكتب الأخرى.
الإعلان النبوي المفرح
تتحدثُ وبإلحاحٍ متزايدٍ أغلب الأسفار النبوية عنِ الفرح، وخصوصاً فرحُ إنتظار المسيح، فرحُ الخلاص، فرح اللقاء بالرّبّ. أشعيا النبي من جهته يُخصِّصُ آيات عديدة متناولاً هذا الموضوع بشغفٍ كبير. ففي الفصل التاسع من كتابه يقول: “مَنَحْتَهُم أبتهاجاً على أبتهاجٍ، وَزِدتَهم فرحاً يا رّبّ” (آية 3). يرجع النبي مرة أخرى ليَصُبَّ جَلَّ اهتمامه على هذا الفرح بأستقبال قُدوس الله إذْ يكتب: “إهتفي ورَنِّمي يا ساكنة صِهيون، عَظيمٌ في وَسَطِكٍ قُدُوسُ إسرائيل” (12: 6). في أماكن أخرى يواصل أشعيا حديثه عن الفرح بقبول خلاص الرّبّ. لنأخد على سبيل المثال لا الحصر ما يرد في الفصل التاسع والأربعين حين يتحدث عن الخلاص الذي أتى به الرّبّ: “رَنِّمي يا سمآء وأبتهجي يا أرض…” (49: 13). يُخصص النبي زكريا قِسمً كبيراً من نبوءتِه متحدِّثاً عن الفرح بالرّبّ ومتناولاً الموضوع الذي دار الحديث عنه في أشعيا. ولكن بنبرة أخرى أشد قوةً. وما يلاحَظ عن هذا النبي التركيز على بعض التفاصيل الواضحة عن كيفية مجيء المسيح الرّبّ، مُعطياً مدلولات كثيرة حيث يَصفُ المسيح راكباً على أتانٍ: “إبتهجي يا بنتَ صَهيون، وأهتفي يا بِنتَ أورشليم ها مَلِكُكِ يأتيكِ عادلاً مُخَلِّصاً وديعاً وراكباً على جَحْشٍ ابن أتان” (9:9). أما النبي صفنيا من ناحيته فيتحدث عن هذا الموضوع بشَوقٍ عارمٍ حيث يُقَدِّم الله الساكن في وسطِ شعبه ويدعو هذا الشَّعبَ للإحتفال بهذا الخلاص القريب، بهذا الفرح العميق: “الرّبّ إلهك مَعَكَ وهو المخلِّص الجبَّار يسرُّ بكَ ويفرح” (3: 17). وهناك نصوص أخرى كثيرة تتكلم عن الموضوع لم تُذكر في هذا المقال.
الإعلان الإنجيلي المفرح
تدعو الأناجيل على العموم إلى الفرح. وبالأخص روايات الطفولة مليئة بهذا السرور، الذي ورد الحديث عنه سابقاً في الإعلانات النبوية، التي كانت تُذكِّر شعب الله بفرح الخلاص الذي حقَّقَه الله لهم. فمتّى ولوقا، كلٌ بطريقته الخاصة، يتناول هذا الموضوع الشيق جاعلاً إيَّاه المحور الرئيسي في روايته الإنجيلية بخصوص ميلاد الرّبّ المخلص. تردُ كلمة فرح وما يُوازيها لأكثر من ستين مرة في كتابات العهد الجديد. سأكتفي بذكر بعضاً منها، وبالأخص ما يتعلق بموضوعنا المطروح. فبشارة الملاك لِمَرْيم بالحبل الإلهي هي دعوة لها إلى الفرح: “إفرَحي يا مَرْيم” (لوقا 1: 28). وفي الحقيقة، قبل دعوة الملاك لمريم للفرح، يوجه نفس الملاك ذات الدعوة إلى زكريّا الطاعن في السن، ويدعوه إلى الفرح والسرور، عندما يذكر مولد يوحنا: “وستفرح به وتبتهج، ويفرح بمولده كثير من الناس” (لوقا 1: 14). زيارة مريم لِنَسيبَتها أليصابات حَمَلَتْ فَرَحَاً لها وللطفل إذ تصف هذه البهجة: “ما إنْ سَمَعْتُ صَوتَ سَلامِكِ فِيَّ تَحَرَّكَ الجَّنينُ من الفرحِ في بَطني” (لوقا 1: 41). وفي نشيد مريم الغني بِمَعانيه اللاهوتية العميقة، تُقَدِّمُ مريم الشُّكرَ لله، الذي غَمَرَها ببركاتٍ حيث تقول: “تُعَظِّمُ نفسي الرّبّ، وتبتهجُ روحِي بالله مُخَلِّصي” (لوقا 1: 47). نلاحظُ فيما بعد ولكن هذه المرّة في إنجيل يوحنا عند لقاء يوحنا بيسوع الذي يمتلىء فَرَحاً وبهجةً إذ يقول: “ومَثلُ هذا الفرح فَرَحي، وهو الآنَ كامِلٌ” (يوحنا 3: 29). ويسوع بنفسه يتهلل بفَرَحٍ، فيصف لنا لوقا هذا: “وفِي تِلكَ الساعةِ إبتهَجَ يسوع بالرُّوحِ القُدُسِ” (لوقا 10: 21). أما الإنجيل الرابع فَيُلخِّص رسالة يسوع واضِعاً على لِسانِه هذه الكلمات المليئة فَرَحاً حين يقول لتلاميذه : “قُلتُ لَكُم هذا لِيَدومَ فِيكُم فَرَحِي، فَيكون فَرَحُكُم كاملاً” (يو 15: 11). وفيما بعد يَعِدُ يسوعَ تلاميذه ويدعوهم إلى الفَرَح على الرَّغم من الآلآم التي سيلاقونها في حياتهم وفي رسالتهم حيث يقول: “ستحزنون، وِلَكِن حُزْنُكُم يصيرُ فَرَحاً” (يو 16: 20). ونصوصٌ أخرى كثيرة ترد في هذا الإنجيل التي تذكر الفرح وتدعو إليه (راجع يوحنا 16: 22؛ 20: 2؛ وأيضاً أعمال الرسل راجع 2: 6؛ 8: 8؛ 13: 52؛ 16: 34). يدعو البابا فرنسيس في إرشاده الرسولي “فَرَحُ الإنجيل”، الآنف الذكر جميع المسيحين إلى هذا الفرح حينَ يتسأل: “لماذا نحن أيضاً لا ندخل وسطَ هذا النَّهر الكبير من الفرح”. (فرح الإنجيل، عدد 5). فرسالة ميلاد المخلص الإلهي، يسوع، كما تنبىء عنها الأنبياء، كما لاحظنا سابقاً وتُؤكِّدُ عليها الأناجيل ومؤلفي كتب العهد الجديد ويدعو لها البابا فرنسيس هي رسالة بهجة ودعوة للجميع إلى الفرح. أتمنى من أعماق قلبي لكل مَنْ يقرأ هذه الأسطر أنْ يُهيءَ نَفْسَه لأستقبال المُخَلِّص ببهجة وسرور وأدعوه في الوقت ذاته إلى لقاء أخوته وأخواته بفرحٍ، أن يجعلَ من فرحِ زكريِّا ومريم والتلاميذ وجميع اللذين إلتقوا بيسوع ويلتقون به أنْ يفرحوا. وأخيراً أضمُ صوتي مع الرسول بولس الذي يقول: “إفرحوا بالرَّبِّ كُلَّ حينٍ وأقول أيضاً إفرَحوا” (فيلبي 4: 4).
آراء حول التطرف – توني شمعون
لقد أستغرقني وقتٌ طويلٌ لافتتاح هذا المقال، لم اجد مدخل للفكرة، وحين ملائتني الرغبة في كتابة أفكاري وجدتُ نفسي اكتبُ مشكلتي كبداية استهل بها مقالي هذا. فان الموضوع حساس ، ويجب عليَٓ انتقاء الكلمات بشكل دقيق لإصال ما يدور من أفكار في راسي. وما برح ان ذهبَ خيالي يختزل قصةً قد تبين مغزى هذا المقال بوضوح وتبسط أفكاري بشكل يولأم ما اودُ طرحهُ.
في صباحٍ قارس البرودة، توجه أستاذ الاجتماعيات في الجامعة نحو قاعة المحاضرات المكتظة بالطلاب وصوت ضجيج المحادثات الصباحية بين الطلاب يغزوا أذنيه منذُ بداية الممر. دخل القاعة ولم ينتبه له سوى من كان جالساً في الصفوف الأمامية ، اخذَ قلمهُ الذكي ليكتب على الصبورة البيضاء كلمة (مُتَطرف). وعندما هدءَ الجميع ، وقرأوا ما كُتبَ ، بداء الهمس بين الطلاب ، وراح كلٍ منهم يُفسر الكلمة على هواه. فانتفض الاستاذ من صمته وقال: ماذا تعني هَذِهِ الكلمة لكم. فقالت سارة بعد ان وضعت النظارة الطبية جانباً، هي تعني التعصب٠ ثم وقف سلار قائلاً كلا بل تعني التشدد. فقررت داليا المشاركة بالموضوع فقالت، مُتطرف تعني عنيد. فلبثت رولا من اخر صفوف القاعة وقالت، بل تعني إرهابي. فسار الهمس في صفوف القاعة ما بين معارض و موافق، فقال لاندي، ان الانسان المتطرف هو إنسان ذو عقلية مغلقة، غير منفتح للمجتمع، فقال صوتٌ من الصف الأخير مازحاً: مثل ابي.!!! وفيما ضحك الجميع وتعالت القهقهات في وسط القاعة، قامت هيلين من مقعدها جاذبةً كل الأنظار اليها، عبّرت تقاسيم وجهها الحادة على جدية آرائها في طرحها للمواضيع. وبعد صمت الجميع قالت بصوتٍ هادى: أنا مُتَطرفة.
القاعة، قامت هيلين من مقعدها جاذبتاً كل الأنظار اليها، عبّرت تقاسيم وجهها الحادة على جدية آرائها في طرحها للمواضيع. وبعد صمت الجميع قالت بصوتٍ هادى: أنا مُتَطرفة. تفاجئ الجميع من تصريحها هذا، فسألها الاستاذ: ماذا تعنينَ يا هيلين. فقالت: لقد سَمعتُ كل الإجابات ولم أكن أتخيل ان زملائي لديهم هذه الأفكار السلبية عن التطرف. فالتطرف بحد ذاتهُ هو الانحياز الى رأي او مذهب او عقيدة ، وان كل واحد منا متطرف بطريقة او باخرى، فأنا متطرفة لمذهبي الديني، وانت متطرف لانتمائك الى قومية معينة، وذاك متطرف لاتباعهِ حزب سياسي معين. وبعد ان دار الصمت في قاعة المحاضرة لعدة ثواني، كسر الاستاذ هذا الصمت بسوالٍ اكثر ما يقال عنه (جائز) ، وبرأيكم ما هو الفرق بين التطرف و التعصب…؟ فرفع يدهُ فراس واستهلٓ بالكلام بعد ان سمح لَهُ الاستاذ، قال : التعصب هو اخطر انواع الفكر حيث يتحول الانسان ذو الفكر المتعصب الى إنسان عنصري، يتصف بالتميز الفكري ويصبح رأيه هو الأصح من وجه نظره ويجب على الكل اتباعه. فقرر كرم المشاركة قائلاً ، والتعصب أيضاً قد يقود الفرد الى التخلف و التقوقع على ذاته . وبعد ان كتب الاستاذ كل هذه الأفكار على سبورته الذكية، سأل باسم وهو طالب مجتهد يجلس في الصف الأمامي ، ما هي سلبيات و إِجابيات التطرف….؟ إستأذن عِماد من الاستاذ وراح يجيب تسأل باسم قالاً : ان التطرف صفة يطلقها شخص او مجموعة أشخاص على خصمهم السياسي او الديني لكي يُنقصوا من قيمة أفكاره و يحدوا من أهدافه و سُبله، وللأسف أخذت هَذِهِ الصفة الطابع السلبي في نضر المجتمع ، اما عن إِجابيات التطرف فتحدث فراند بكل ثقة وقال، لا بُد ان نكون متطرفين في ارائنا بعض الشيء، لان التطرف يساعدنا على الدفاع عن هَذِهِ الآراء، وتمنع أفراد المجتمع من التخبط بين الأفكار فقاطعتةُ تيريز قائلة : يجب على الانسان ان يكون على دراية و علم في الفكرة او الإيمان الذي يتطرف من اجله، فكثير منا يدعي انه ينتمي الى دين او مذهب او فكرة، ولكن أعماله لا يطابقون ما يفكر بهِ. فقالت بشرى: أليس التطرف ضد حرية الرأي ….؟ فأجاب الاستاذ: ان الثبات على رأي معين من خلال الدراسة و الأبحاث لا يتنافر أبدا مع حرية الرأي، وإنما يقضي على الآراء الهدامة التي يكونها الأفراد في المجتمع. ويتستروا تحت مضلة حرية الرأي الزائفة فالرأي الغير مصحوب بدلائل و براهين يُعتبر رأياً ركيكاً لا يؤخذ بهِ ولا يُرد عليه.
وفيما كان الاستاذ يسترسلُ بالحديث عن هذا المصطلح الفريد، أدرك ان المحاضرة أوشكت على الانتهاء، فكتب على صبورتهِ عبارةً لتلخص الموضوع ” نحن بحاجة الى متطرفين ليقوم المجتمع على قوام المعرفة التامة و الحقيقة و لتنوير العقل البشري ليصبح متطرفا للحق والحقيقة”فلا تسمحوا بأحد ان يُغير آرائكم بحجة الحرية و التقدم، ولا تجعلون من آرائكم عرضة للتخبط في جدران الحقيقة الزائفة.
قوة الله في عجز الانسان – توني شمعون
قوة الله في عجز الانسان. هل تشعر بالعجز؟ هل ينتابك شعور بالفشل وعدم القدرة على تحقيق أهدافك؟ هل فقدت الثقة بنفسك؟ انت عاجز عن تكملة أي شئ بدأته في حياتك؟ هل تشعر بأن الإحباط يحاصرك من كل جانب ؟ إن كانت إجابتك بنعم لأي واحد من الأسئلة أعلاه، يجب أن تعرف شيئين . الأول انك لست الوحيد في هذا العالم الذي يعاني من هذا العجز، فستجد في هذا المقال شخصيات كتابية كثيرة ذو تأثير كبير على محيطهم، كان لديها نفس هذا الشعور. والشيء الثاني ستتعرف عليه في نهاية هذا المقال.
من خلال قرأة الكتاب المقدس قرائة تفصيلية عميقة نلاحظ أن الله يختار أكثر الناس ضعفا ليكونوا ممثليه على هذه الأرض. لنأخذ قصة جدعون أحد قضاة إسرائيل على سبيل المثال لا الحصر. نقرأ في سفر القضاة و الأصحاح السادس كيف دعى الله جدعون ، هذا الإنسان العاجز أن يخلص شعبه من يد المديانين. فيجيب جدعون ملاك الرب قائلا “بماذا أخلص إسرائيل . ها عشيرتي الذلى في منسى وانا الأصغر في بيت ابي” (قضاة 6 اية 15) استسلم جدعون لما فرضه عليه المجتمع من مكانة غير قيمة ودور غير فعال. هل أنت مستسلم لما يفرضه عليك المجتمع من دور. هل تظن انك سوف لن تغير شي لأنك ذو دور بسيط في المجتمع. سيحكم عليك المجتمع من خلال شهادتك و عملك و ما تملك وابن من انت، ولكن الله سيرى في عجزك مصدر قوة وسيحول مشكلاتك إلى حلول. فكل ما عليك أن تسلم ضعفك بيد الخالق، وهو سيتولى المهمة
وبما أننا نشير إلى ضعف الشخصيات المدعوة من قبل الله، فلا بد من ذكر قصة قتال داود مع جليات الفلسطيني. إن قصة داود هي خير مثال على كيف يستعمل الله مشكلات الإنسان ليحولها إلى حلول. فيروي لنا سفر صموئيل الأول كيف واجه داود جليات وغلبه. فنرى كيف انتهر أخوة داود اخوهم الأصغر واتهموه بالغرور و العجرفة، “فسمع أخوه الياب كلامه مع الرجال، فحمي غضب الياب عليه و قال له، لماذا نزلت وإلى من تركت تلك الغنيمات القليلة في البرية . انا علمت كبريائك وشر قلبك. لقد نزلت لترى الحرب ” ( صموئيل الأول 17 اية28) لتوقف ونتأمل كيف أن يوجد كثير من الناس الذين سيحاولون الوقوف بينك وبين خطط الله لك. وإن كان هذا بحسن نية ولكن يجب عليك ان تتحلى بالإرادة القوية و المعرفة التامة لما هو في جعبة الله لك. وهذا لا يمكن أن يحصل مالم تكن بعلاقة قوية مع الله الحي. ومن الملفت للنظر في صراع داود مع جليات هو كيف واجه داود هذا الرجل العملاق. (صموئيل17 اية 38) “البس شاول داود ثيابه،وجعل على رأسه خولة من نحاس) و في الآيات الاحقة نرى داود يرتدي ترسانة و يستل سيفا ثقيلا ،لكن داود كان قصير القامة وصغير الحجم. فلم يستطع الحراك،فنزع ثياب الحرب و أخذ حصاة انتقاها من الوادي و أخذ مقلاعا وعصا . فكيف سيواجه داود هذا الجندي الضخم بالمقلاع و العصا ؟ ولكن إيمان داود بقوة الله الذي نصره على الدب و الاسد هي التي أعطته النصرة على جليات الجبار. وكذلك نحن،كم هي ضخمة مشكلاتنا ومهما كان قوتها و حجمها،فقد لا تحتاج للتفكير عميق أو تحضير كبير…. ولكن ثقة وإيمان بأن الله معنا في كل حين.
وبما أننا نتكلم عن الثقة في الله ، فخير مثال على الثقة في الله هو دانيال وأصدقائه ، هذا اليهودي الذي أذهل حكماء بابل بحكمته و علمه.هذا اليهودي المؤمن الذي رفض أن يسجد للملك ، هو وأصدقائه الثلاثة وضعوا أنفسهم بيد الله بكل ثقة ومن دون أي أشك. حتى وهم مقتادون يجب الأسود. يعلمنا الكاتب من قصة دانيال بأن الثقة في الله هي أهم سلاح لحل مشاكلنا ، وهي الطريق المؤدي لحصول معجزة. مثل إنقاذ دانيال ورفاقه من جب الأسود. وهنا لا يسعني إلا أن أقول ، دانيال ورفاقه آمنوا فصارت معجزة… وأما نحن اليوم … فالكل يبحث عن معجزة ليؤمن. .. انقلبت الموازين فصرنا نطلب المعجزة قبل الإيمان. .. عزيزي القارئ ، انت بشوق الآن لمعرفة ما هو الشئ الذي أشرت به في مطلع هذا المقال، أعلم ايه الحبيب بأن الله لن يتخلى عنك بل سيكون معك حتى النهاية، وهو الذي سيحول ضعفك إلى قوة مثل داود وسيعطيك مكانا مرموقاً مثل جدعون الذي كان ينظر إليه الشب بنظرة دونية. كل ما عليك فعله هو أن تضع ثقتك في الله وتسير. مع الله كما فعل دانيال. لأنه هو الإله القادر على كل شئ امين